من أنا

صورتي
باحث وكاتب لبناني في العلاقات الدولية والدراسات السياسية.حائز على إجازتي حقوق وعلوم سياسية من الجامعة اللبنانية ودبلومي قانون عام وعلاقات دولية, وماستر علاقات دولية ودراسات أوروبية.حاصل على منحة تفوق من الجامعة اللبنانية لنيل شهادة الدكتوراه. حالياً يتابع دراسة الدكتوراه في العلاقات الدولية في جامعة براغ الدولية.

إسلاميو السلطة "تحت الشمس": المثال الميكافيللي

 مقال نشر في صحيفة السفير, العدد: 12343, 28\11\2012

 

الأفكار كما المادة، عندما تُحجب عنها الشمس قد تكون عرضة للعفن ، وكما أن الضوء يخلص المادة من عفنها، كذلك يفعل الواقع بالافكار. قد تكون بعض الأفكار عفنة بكليتها، فيحيـلها الواقـع رماداً منـثوراً، وإمـا ان تكون عفنة بجزئيتها فتـطهرها التجربة، كمن يصقل حجرا نفيسا. وكلما كانت الفكرة أصيـلةً كانت أقـل عرضةً للتآكل.


عانت حركات الإسلام السياسي بشكل عام من الإقصاء والعزل في أغلب القرن الماضي، وتُركت سجينة دور الوعظ، والبنى السرية، والتنظير وترداد النصوص وشعارات المعارضة والرفض. كانت أحداث العامين الماضيين بمثابة إخراج فكر هذه الحركات المشبع بالإيديولوجيا الى «شمس» الواقع الحارقة. لذا ليس نقيصة او إهانة القول بأن المرحلة الاولى من هذا الخروج بدأت تكشف «العفن» الذي تعلق بجزء من الأفكار والخطاب الرسمي لهذه المجموعات. أفكارها المربكة والمتناقضة حول الدولة، السلطة، العنف، دور الشريعة، حقوق الأقليات، الموقف من إسرائيل، والعلاقة مع الإمبريالية الأميركية، كلها تكشف عمق البئر الذي ألقيت فيه.


لذا يجب أن يرتكز التقويم على حيوية التجربة الجديدة وقدرتها على التعلم، أي مهارة «الصقل» السياسي للفكر العقائدي الخام، بما يحفظ أصالته وغائيته من ناحية وقدرته على الإستجابة لشروط العصر وحاجات الإجتماع الإنساني من ناحية أخرى. المرحلة الأولى في تجربة «الإخوان المسلمين» السلطوية في اكثر من بلد إضافة لدورهم في سوريا، كشفت نزعة «براغماتية» مبالغ بها، الى الحد الذي يمكن أن يبدو فيه ميكافيللي «مثالياً». من المبكر مطالبة «الإخوان» بإنجازات، ولكن الحديث هنا عن المواقف كما في قرارات مرسي «الإلهية» الأخيرة التي كانت بمثابة إنقلاب، وكما في الموقف من إسرائيل والولايات المتحدة الذي لم تتغير فيه إلا لغة الخطاب مراعاة للناخبين الذين لم يكترث لهم مبارك.


قرارات الرئيس مرسي الأخيرة حول الإعلان الدستوري عمقت الشكوك الشعبية حول نوايا الإخوان لا سيما ان القرارات أعقبت دور مصر في التهدئة في غزة، وهو ما اعتبره البعض مكافأة أميركية، بالموافقة او بالتجاهل. هل كانت قرارات مرسي مرتبطة بالخلفية العقائدية للجماعة أم بشهوة السلطة؟ ربما! ولكن أيضاً بسبب إدراك الجماعة لعمق التحديات الإقتصادية والسياسية (الداخلية والخارجية) التي ستُضعف مع الوقت قدرتهم على تعبئة الناخبين، ولذا لا بد من الإمساك بمفاصل السلطة الان، حيث لا يزال ذلك متاحاً. بهذا المعنى يغلب على قرارات مرسي الأخيرة الطابع «البراغماتي» وليس العقائدي، هي لعبة الهيمنة وتوازن القوى. هو الخوف مجدداً يحكم سلوك الجماعة.


حالياً الإخوان بين مطرقة واشنطن وسندان المسألة الإقتصادية، بين أزمة «أجيال» وأزمة «أجنحة»، بين تشدد السلفيين وعلمانية القوميين. لن يستطيع «الإخوان» التفرد بحكم مصر ولا ضمان الإستمرار بالسلطة، ولكن يمكنهم المساهمة في تكريس نظام يحفظ التداول السلمي للسلطة بما يتيح لـ«الإخوان» إمكانية ان يعودوا الى موقع القرار عند كل محطة انتخابية. ثانياً، من غير الممكن لـ«الإخوان» قيادة مصر لا سيما في المدى المنظور (وهي مرحلة تأسيسية) إلا من خلال إئتلافات واسعة مع قوى وازنة تستند على توافقات أولية حول النظام السياسي- الإقتصادي وحول موقع ودور مصر الخارجي. ثالثاً، ما دام «الإخوان» ارتضوا سياسة خارجية «صفر عقائدية» تقريباً، فلم لا يمكن الاتفاق مع التيار القومي على نقاط وسط حول الخلافات المرتبطة بموقع الشريعة في الدستور الجديد، وحينها يمكن للجماعة ان تكون اكثر تحصيناً تجاه المطالب الداخلية والضغوط الخارجية.


ما يحصل اليوم في مصر، يعزز فرضيات القلق حول سلاسة عملية الانتقال الديموقراطي، وقد كانت مارينا اوتاواي (خبيرة بقضايا التحول السياسي في الشرق الاوسط لدى مؤسسة كارنيغي) خلصت في معرض دراستها للتحول في مصر وتونس الى أنه من المستحيل ـ بـل وغــير المنصـوح به ـ تنظيم انتـخابات خـلال أشـهر من إسقاط النظام. كثير من الأمور يجب أن تحصل قبل ذلك، تعديل الدستور، قوانين جديـدة، أحـزاب جديدة، وبعـض الإجمـاع على المـبادئ الأساسـية. إلا أن عـملية أبـطأ تحـتاج أيضاً خريطة طريق واضـحة، جدول زمني، مع علامات ومـهل محـددة، وليـس عملـية ضبـابية متروكة لأهواء حكومة ناقصة الشرعية أو الحشود المستعجلة.


التوتر المتصاعد بين الإسلاميـين (الإخـوان والسلفـيين) وبين القوى القوميـة والوطنية والمقاومة في اكـثر مـن سـاحة يستدعي القلق الشديد. سيبقى الإسلاميون في المدى المنظور جزءاًً أساسـياً من اللـعبة السـياسية، لذا يجب استمرار التواصـل مع هـذه المجـموعات مــن خلال اطر وملتقيات ومصالح مشتركة. المسار الصدامي (ليس المعارضة) بوجه «الإخـوان» سيشجـعهم أكـثر على التـفاهــم مـع واشنـطن وحلـفائها، لذا لا بـد مـن الانخراط الدائم مع الجماعة عبر الحوار والاحتكاك والتنسيق، مع جمهور «الإخوان» وشبابهم وطلابهم ونقابييهم وقياداتهم.


الشرق الأوسط يعج بروائح «العـفن» هذه الأيـام، لأن أفكاراً بكليتها خرجت الى الشـمس، وهو حـال سيــدوم مدة من الزمن تحددها سياسات الجميع، لا الإسلاميين فقط.


حسام مطر

خيارات أوباما الخارجية بين «الشرطي» و«المنارة»

صحيفة الأخبار, العدد ١٨٥٨, ١٣ تشرين الثاني ٢٠١٢

 حسام مطر

تبدأ السياسة الخارجية لأي دولة من خلال رؤية النخبة الحاكمة للعالم، ومفهومها لدورها فيه، وثقافتها الإستراتيجية، وتجربتها التاريخية. وهذه كلها تتعرض للتغيير النسبي مع الوقت بحسب التطورات الاجتماعية وموازين القوى الداخلية وتحوّلات النظام السياسي. لطالما عانت الولايات المتحدة من إشكالية تعريف دورها في العالم، بفعل مزيج من الغطرسة، والغرور، والانبهار بالذات، والنجاحات، وحتى المآسي التي يتشكل منها «العقل الأميركي». فهل تبني واشنطن سياستها الخارجية على أساس أنّها شرطي العالم، أم قوة إمبراطورية، ام أنّها منارة تجتذب الأتباع؟ هذه الإشكالية واجهت أوباما منذ بداية حملته الانتخابية الأولى وستستمر الى حين نهاية ولايته الثانية التي حظي بها منذ أيام. يحتدم هذا النقاش في عهد أوباما بفعل الحاجة الأميركية الملحة الى التقشف ولا سيما في الميزانية العسكرية، في زمن تتصاعد فيه قوة الصين العسكرية والاقتصادية، والتهديد النووي الإيراني، وانبعاث قوى «لا دولتية» (non- state actors) ذات تصميم وخطورة لا يمكن التعامل معها بوسائل الحرب التقليدية.


عارض المحافظون (بمن فيهم مرشحهم الخاسر رومني) بالإضافة للمؤسسة العسكرية الأميركية خطة أوباما للتقشف في الميزانية العسكرية، وإن كانت معارضة العسكر بديهية فإنّ موقف المحافظين نابع من طموحهم للعب دور «شرطي العالم». وزير الدفاع ليون بانيتا اعتبر أنّ الأمن القومي هو «قوتنا العسكرية» قائلاً «ندرك انّ الموارد محدودة وعلينا التعامل مع هذه التحديات، لكن لا اعتقد ان علينا الاختيار بين امننا القومي والمسؤولية المالية»، فيما يرفض توماس دونيللي (محلل سياسات امنية ودفاعية لدى مؤسسة «أميركان إنتربرايز» المحافظة) هذا التقليص كون الجيش الأميركي كان يقوم بجهد متزايد بميزانية أقل منذ نهاية الحرب الباردة، إذ إن مقارنة الميزانية الدفاعية مع نسبة الثروة الأميركية تظهر أن هذه الميزانية لا تزال تتناقص منذ تلك الفترة. إن خفض النفقات العسكرية سيترك عواقب يمكن قياسها بتراجع القوة والنفوذ والأمن الأميركي. يحاجج أنصار هذا الرأي بأنّ ما تقوم به الولايات المتحدة ليس تحملاً لأعباء الآخرين بل أنّها تخدم «الخير العام العالمي» وذلك لأنّ التحالفات الأمنية الأميركية تنطبق عليها شروط «الخير العام».

يتخوف بعض الأميركيين أن يكون التقشف في الميزانية الدفاعية غير ممكناً، لأسباب عدة كما يراها مايكل اوهانلون: نظام رعاية العسكريين أصبح مكلفاً جداً في السنوات الأخيرة لا سيما مع استدعاء الاحتياط وأعداد الجرحى. ثانياً هناك كثير من النفقات العسكرية العادية سترتفع أكثر من التضخم باعتبار أنّ الإنفاق العسكري هو جزء من الاقتصاد. وتشمل هذه النفقات الرعاية الصحية للعسكريين (50 مليار دولار سنوياً)، وجذب قدرات بشرية جديدة الى الجيش برواتب منافسة. كما أنه من الصعب العودة الى خفض شراء الأسلحة كما فعل كلينتون إذ إنه استفاد من البرامج العسكرية والمعدات التي نتجت من سياسة ريغان التسلحية خلال الحرب الباردة وهي لم تعد متوافرة اليوم إذ «إننا لا نملك معدات حديثة الصنع، يعتمد عليها وموثوقة». لذلك وافق البعض، كستيفين هادلي على الاقتطاعات بشرط أن تكون حذرة وبحسب طبيعة التهديدات والأولويات. لذا يجب الحذر من القيام بالاقتطاع من الحسابات غير الدفاعية (برامج وزارة الخارجية) لصالح الميزانية الدفاعية، لا سيما أن الولايات المتحدة تحتاج حالياً اكثر الى الأدوات غير العسكرية في سياستها الخارجية كما في العراق وأفغانستان واليمن والصومال «حيث نقوم بتجهيز وتدريب ودعم القوات المحلية، مشاركتهم الاستخبارات، ربما نستخدم بعض القدرات الجوية والقوات الخاصة. هذا هو النموذج الذي سنخوض من خلاله الحرب خلال السنوات العشر المقبلة».

في المقابل، حسم اوباما خياره في المقلب الآخر، الولايات المتحدة تريد قيادة العالم ولكن ليس تأسيس إمبراطورية، تقديم النموذج وليس الشرطي، المغنطيس وليس المطرقة، وإلا فإنّ الولايات المتحدة ستقع فريسة «فرط التوسع الإمبريالي». ربما يكون جوزيف ناي أفضل من لخص الخطوات المطلوبة، بالإضافة لتقليص الإنفاق العسكري، الحد من التدخل العسكري البري، الامتناع على سياسة «بناء الدول»، نقل المسؤوليات الى الحلفاء، إلا أنّ البداية تكون بإدراك ان قوة وتأثير أميركا في الخارج تبدأ من الخطوات التي نتخذها في الداخل، او ما يسميه أوباما «بناء الأمة الأميركية». يعتقد ناي انّ الولايات المتحدة تختلف عن بريطانيا بعدم رغبتها في بناء إمبراطورية، بل بأن تكون «مدينة مضيئة من على تلة»، لذا إنّ الإستراتيجية الذكية لحفظ قوة اميركا ودورها العالمي يجب أن تستند الى صياغة السياسة الخارجية بشكل «يناسب الملابس التي نملكها» كما يقول ناي. يتوافق كريستوفر بريبل (نائب مدير الدراسات الخارجية والأمنية في مؤسسة Cato) مع ناي بأنّ تضخم الميزانية الدفاعية ناتج من جزء منه من الاتكالية الأمنية عند حلفاء واشنطن التي كانت توجه موارد متزايدة لأداء دور الشرطي، «لذا فإن تراجع أميركا عن بعض أدوارها سيجبر حلفاءها على تحمل مسؤوليات متزايدة تجاه أمنهم»، وهو ما عبر عنه دوف زاخيم (مسؤول كبير سابق في البنتاغون) بالقول أثناء تدخل الناتو الأخير في ليبيا: «فلندع الآخرين يتحملوا كل الأعباء، ولو لمرة على سبيل التغيير فقط».

Obama-middle-eastيتم التعبير عن سياسة أوباما هذه «بالقيادة من الخلف» كما في ليبيا وسوريا، وقد انتجت هذه المقاربة هجوماً منسقاً وشرساً من الديموقراطيين، ومن جون ماكين وسارة بايلن وجون بولتون، إذ اتُهم أوباما باتباع باريس وأنّ عملية ليبيا كانت كارثة إستراتيجية. إلا أنّ ديفيد رمنيك (كاتب في مجلة «نيو يوركر») انتقد الجمهوريين إذ إنّهم في انتقادهم لسياسة أوباما الخارجية «لا يركزون على نتائج هذه السياسة بل على التشديد على قوة أميركا والتأكيد على مجدها». ويكمل رمنيك بأنّ «أوباما ليس أول رجل دولة يدرك أن من الأسهل تحقيق النصر إذا لم تحتج للإعلان بصوت عالي عن انتصارك». بناء على ما تقدم، لن تشهد سياسة أوباما تجاه الشرق الأوسط تحولاً بارزاً، سيبقى الحلفاء في الواجهة (تركيا ــ الخليج)، مع محاولة تعميق التحالف مع الإسلاميين، واعطاء ضمانات متزايدة للأمن الإسرائيلي مقابل الإمساك بقرارها الإستراتيجي، الى جانب تشديد الخناق على إيران عبر العقوبات والعزلة وبناء حلف «سني» موازن لها، والاستمرار باستنزاف النظام السوري والعمل على قضم سلطته تدريجياً وبحذر. إلا أنّ عرضاً أميركياً لتسوية كبرى مع إيران يبدو مرجحاً، إما من باب إيجاد مخرج للأزمة أو من باب الفرصة الأخيرة لإيران قبل الانخراط في عمل عسكري ضدها، إلا أنّ هذا العرض لن يتبلور قبل شهور، ولن يكون معزولاً عن تسوية الأزمة السورية.

يعتقد نوام تشومسكي أنّ معضلة واشنطن الحالية في الشرق الأوسط هي أنّ «تراجع قوتها لم ينتج تراجعاً في طموحاتها»، إذاً المشكلة عند الأميركيين هي في تشخيص أهدافهم ومصالحهم في الشرق الأوسط، كون واشنطن تنكر وتتجاهل حقوق شعوب المنطقة في السيادة السياسية والاقتصادية والخيار الثقافي، أي أنّ المشكلة ليست فقط في السياسات والأساليب. فالمشكلة ليست فقط في سياسات بوش العنيفة «الصلبة»، بل حتى في سياسات أوباما «الناعمة»، أي في «الرؤية النفقية» التي لا ترى في الشرق الأوسط أكثر من خزان للنفط. فقدت واشنطن حلم «الإمبراطورية» في الشرق الأوسط، واليوم تتنازعها رؤية «الشرطي» ورؤية «النموذج الملهم»، حتى ذلك يبدو عصياً بفعل دماء أطفالنا الموسومة «كالحنة» على يدي أميركا. هنا تحتاج واشنطن إلى قوة اخرى تشكل انعكاساً لها او ظلاً يخفي الملامح القبيحة، لذا تتقدم تركيا اليوم، تارة «كالشرطي»، كما في سوريا وليبيا، وتارة «كالنموذج الملهم» في مصر وتونس وغزة.

* باحث في العلاقات الدولية

الخيارات الإسرائيلية في ظل المتغيرات الجيو ـ إستراتيجية

مقال نُشر في الإنتقاد, بتاريخ 9 تشرين ثاني 2012

حسام مطر *


يبدو المشهد الإقليمي في أشد لحظاته تعقيداً وضبابية لا سيما في ظل الإنتفاضات والتحولات التي تعصف بالمنطقة العربية منذ ما يقارب السنة والنصف. لم تأت هذه من فراغ بل سبقها تحول عميق في البيئة الإقليمية وانقلاب جوهري في ميزان القوى الإقليمية بفعل الهزائم المدوية للمشروع الأميركي ـ الصهيوني في المنطقة لا سيما في العراق ولبنان وغزة. إن تراجع النفوذ الأميركي خلال السنوات الأخيرة أنتج فراغا في القوة إنعكس إنكشافاً لدى الأنظمة العربية التابعة له وهو ما أسس لإمكانية إزالة النظام العربي “القديم” الموالي لواشنطن كما حصل بالتحديد في تونس ومصر. في مواجهة هذا التحدي تبنت واشنطن سلسلة خطوات من أبرزها:

الخيارات الإسرائيلية في ظل المتغيرات الجيو ـ إستراتيجيةـ إتاحة المجال لدور تركي جديد في المنطقة قادر على موازنة الدور الإيراني من خلال قيادة تركيا لحلف سني نظراً لما تمتلكه من قدرات وإمكانات وموقع وارتباطها الإستراتيجي بحلف الناتو.
ـ دفع الدول الخليجية الى تحمل مسؤوليات إضافية ومباشرة في المواجهة الإقليمية وذلك من خلال مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية، إذ إن واشنطن لم تعد قادرة على تحمل اكلاف لعب الدور المباشر والكامل.
ـ رفع مستوى التنسيق الأمني والعسكري مع الكيان الصهيوني لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة من جبهات عدة، وهو ما تمت ترجمته بزيادة الدعم العسكري وبرنامج القبة الحديدية وتأكيد الإلتزام الأمني الكامل من قبل إدارة أوباما تجاه “إسرائيل”.
ـ إنتقال الولايات المتحدة الى “القيادة من الخلف” والإكتفاء بتقديم دعم دبلوماسي ولوجيستي لحلفائها في المنطقة، مع التركيز على القوة الناعمة بدل تلك الصلبة.
ـ لم تتمسك واشنطن بحلفائها الذين سقطوا بل سارعت الى محاولة التفاهم مع التيار الإسلامي الصاعد لصياغة تفاهم متبادل على مستوى القضايا الكبرى، ولكن رغم بعض التفاهمات الجزئية إلا ان عدم الثقة ما زال يحكم علاقة الطرفين.

لم يكن هذا التراجع في النفوذ الأميركي ممكناً لولا الهزيمة المدوية في تموز 2006 والتي كانت المحاولة الأميركية الأبرز للخروج من المأزق العراقي ومحاولة قلب الطاولة على سوريا وإيران اللتين أطبقتا على المشروع الأميركي في العراق في تلك المرحلة، وقد كان للانتصار في حرب تموز جملة مفاعيل بالغة الأهمية:
ـ كرست الحرب محدودية القوة الإسرائيلية في فرض وقائع سياسية تعكس مصالحها في المنطقة.
ـ لم يعد بإمكان “إسرائيل” شن أي حرب مستقبلية بعيداً عن الإرادة الأميركية، نظراً لاحتمالية تمدد أي معركة مقبلة الى المستوى الإقليمي وهو ما يستلزم دوراً أميركياً مباشراً.
ـ تحول “إسرائيل” الى عبء إستراتيجي على الغرب سواء مادياً أو معنوياً، وهو ما يثير إنقاسامات داخلية متزايدة في الغرب لا سيما الولايات المتحدة عن جدوى الدعم اللامشروط للكيان الصيهوني.
ـ إنتقال “إسرائيل” الى مستوى الردع الدفاعي، والإهتمام بتحصين الجبهة الداخلية وردع خصومها من الهجوم، بعدما فقدت القدرة على المبادرة الهجومية والحسم السريع.
ـ رفعت الحرب من وزن حزب الله الإستراتيجي في المعادلة الإقليمية.

كل هذه التحولات العميقة في توازنات المنطقة والتي ساهمت في تضرر صورة الولايات المتحدة وشرعيتها وإستنزافها إقتصاديا، فاقمت من الازمة الإقتصادية التي تعصف بالغرب منذ ثلاث سنوات. في مقابل هذا التراجع الأميركي ومحاولته الدفع بدور تركي ـ خليجي الى الواجهة برزت بقوة المصالح الروسية ـ الصينية على المستوى الدولي وخاصة في الشرق الأوسط نتيجة أهميته الجيو ـ إستراتيجية. تجد الصين أن الولايات المتحدة تظهر عدائية متزايدة تجاه صعودها وتدفع بمزيد من القوات والموارد باتجاه منطقة الباسيفيك، ولذا بدأت الصين تدرك بشكل متزايد حاجتها الى سياسة خارجية أكثر وضوحاً ودور أكثر فاعلية في الشرق الأوسط لموازاة الضغط الأميركي، إلا ان هذا التوجه ما زال في بداياته.
التغير الحقيقي هو في الموقف الروسي، حيث يجد الروس فرصة لاستعادة بعض النفوذ الدولي وممارسة دور متزايد في ظل محدودية القوة الأميركية. إلا أن الروس يتزايد إهتمامهم بالشرق الأوسط خوفا من خسارة ركيزتيهما المتبقيتين إيران وسوريا لحساب دور تركي أكبر يطمح للتمدد أيضا باتجاه آسيا الوسطى التي تصنف ضمن المجال الحيوي الروسي حيث تنشط الحركات الإسلامية الإنفصالية.

في ظل كل هذه التطورات أصبح قرار الحرب في المنطقة قراراً شديد التعقيد والخطورة والصعوبة باعتبار أن أي حرب ستكون مرشحة لتتوسع إقليمياً، وبالتالي لا بد لقرار الحرب أن تشترك فيه مجموعة دول إقليمية ودولية. في اللحظة الراهنة يبدو الخيار الإسرائيلي هو انتظار مآلات الأزمة السورية لأنها الأقل تكلفة كون “إسرائيل” ليست متورطة بها بشكل مباشر، ويمكن في حال سقوط النظام أن تتغير حسابات المعركة بالنسبة لها بالكامل، وهذا التقدير تشترك فيه مع الأميركي أيضاً. الإسرائيلي منشغل في دراسة التغييرات التي تطرأ على البيئة الأمنية الجديدة ودراستها وإعادة تشكيل سياسة دفاعية جديدة تتناسب معها ولكنه ما زال يعتبر التهديد الإيراني هو الأكثر حضوراً. وفي شأن الخيارات الإسرائيلية يمكن إيراد النقاط التالية:

ـ ان القرار الإسرائيلي بالحرب أصبح خاضعاً بنسبة كبيرة للموقف الأميركي في المنطقة ولا يمكن لـ”إسرائيل” الإنخراط في معركة بمعزل عن موافقة الولايات المتحدة، لذا لا يمكن تقدير الخيارات الإسرائيلية بمعزل عن سياسة واشنطن في الشرق الاوسط وأولياتها.
ـ تعتبر كل من “اسرائيل” والولايات المتحدة أن أي حرب إسرائيلية حالية على لبنان من شأنها تقويض الجهود الاميركية في سوريا وتعيد تعزيز شرعية المقاومة. كما أن هجوما كهذا قد يشكل ذريعة تتيح لمحور المقاومة توسعة الصراع بهدف تخفيف الضغط عن النظام السوري.
ـ هناك قلق إسرائيلي بعد زوال النظام المصري ووهن النظام الأردني لاحتمال أن دخول قوى عربية الى اي مواجهة مقبلة أصبح جدياً، إذ ان مبارك شكل ضامناً لمنع القوى المصرية من التدخل في الحروب السابقة ولكن الآن يمكن بسهولة لقوى عربية ان تتدخل في أي صراع بين حزب الله و”إسرائيل” أو حماس و”إسرائيل”.
ـ لكن يثار تساؤل حول إمكانية قيام “إسرائيل” بتوجيه ضربة محدودة لعمليات نقل سلاح كيميائي من سوريا الى لبنان، عند هذا المستوى من المحتمل جداً ان تبادر “إسرائيل” الى هذه الخطوة ولو بدون الموافقة الأميركية.
ـ من الإحتمالات الجدية هو توسع الصراع في سوريا الى صراع إقليمي وهذا ما يثير قلقاً من ناحية بالنسبة لـ”إسرائيل” كونها ستكون الهدف الأفضل لمحور المقاومة، ولكن في ذات الوقت هي تستعجل سقوط الأسد وترى أن التدخل الدولي في سوريا سيجعل “إسرائيل” تبدو في المحور الذي يضم قوى عربية وإسلامية بوجه إيران وحزب الله، وهو ما يخدم الدبلوماسية العامة الإسرائيلية مع الرأي العام العربي.
ـ الخيارات الإسرائيلية الحالية مرتبطة بما ستؤول إليه الأزمة السورية من ناحية، وبالملف النووي الإيراني من ناحية أخرى. تتحضر “إسرائيل” للسيناريو الأسوأ وتواصل إستعداداتها الميدانية، في حال فشل الغرب في إيقاف البرنامج النووي الإيراني ولم يتمكن من الإطاحة بالنظام السوري.
ـ يفترض البعض أن “إسرائيل” والولايات المتحدة ربما تستغل إنشغال النظام السوري وتضرر شرعية حزب الله على المستوى الإقليمي والإنقسام الداخلي حول السلاح والضغوط المتزايدة على إيران، للقيام بضربة عسكرية في ظل هذه الظروف المثالية، ولكن بالنظر لما اوردناه سالفاً يبدو هذا الإفتراض ضعيفاً.
ـ الخيار الإسرائيلي ـ الأميركي لهذه المرحلة هو الإستمرار في إستنزاف المقاومة لا سيما معنوياً وعزلها عن الرأي العام العربي وتعميق الإنقسام الداخلي حولها، وتكريس صورة جديدة للمقاومة كميليشيا مذهبية إجرامية تابعة لإيران، وذلك الى حين اكتمال شروط تنفيذ ضربة عسكرية.

في الخلاصة، ورغم الضجيج الذي يثار في أكثر من جبهة، تبقى التطورات السورية هي الفيصل في المرحلة المقبلة مع إمكانية متزايدة لتوسع الصراع الى المستوى الإقليمي. تبدو الولايات المتحدة حريصة على عدم توسع الصراع في هذه المرحلة لعدم إعطاء ذريعة لتدخل أكثر وضوحا للمقاومة وإيران وروسيا ولعدم تشتيت الإنتباه عن الساحة السورية لا سيما مع إعتقاد الإدارة الأميركية أن العقوبات والضغوط على إيران بدأت تؤتي أكلها. ولذا تضبط واشنطن القرار الإسرائيلي الإستراتيجي وتقيده في إنتظار إكتمال كافة الشروط لمسرح عمليات الحرب المقبلة على المستويات كافة.

* باحث في العلاقات الدولية

لماذا بري رئيساً لمجلس 2013

 مقال نشر على موقع قناة المنار بتاريخ 3\11\2012


حسام مطر

مع دخول الإستعدادات لمعركة الإنتخابات النيابية المقبلة عام 2013 , عاد فريق 14 آذار لتكرار معزوفة رفض تولي الرئيس نبيه بري لرئاسة البرلمان في حال حازت هذه القوى على الأكثرية النيابية.
في هذا السياق كان التصريح الأخير لرئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع بعد عودته من السعودية حيث إلتقى بالنائب سعد الحريري وفيه قال: "الرئيس نبيه بري بتموضعه السياسي الحالي رغم احترامنا الشخصي له، لا يمكننا حمله في رئاسة المجلس...... نريد رئيساً للمجلس النيابي منسجماً مع الأكثرية الجديدة". فهل حقاً تستطيع قوى 14 آذار إقصاء الرئيس بري عن رئاسة المجلس في حال فوزها بالأكثرية النيابية؟ أم أن هذه الحملة مرتبطة بإنضاج تسوية حول قانون الإنتخابات أولاً ورئاسة الحكومة لاحقاً؟

النص الدستوري يتيح ل 14 آذار إمكانية إنتخاب بديل للرئيس بري في حال حازت الأكثرية, ولكن روحية النص والممارسة المستمرة وموازين القوى تقع جميعها في الإتجاه المقابل للنص. تبنى الدستور اللبناني صيغة محددة من الديموقراطية التوافقية وأرفقها بآليات لضمان التوازن الطائفي والمذهبي لجميع الأطراف, إلا ان إختلال موازين القوى الداخلية أدى الى إستفادة المسلمين من ذلك أكثر من المسيحيين. منذ بداية التسعينات تكرست الممارسة بأن رئاستي الحكومة والمجلس النيابي تذهب لمن يمثل الأكثرية لدى كل من السنة والشيعة, وعليه كان الرئيس بري منذ حينها رئيساً للمجلس النيابي, والرئيس الراحل رفيق الحريري رئيساً للحكومة ما عدا فترتين محددتين, هما الإستثناء الذي يؤكد المبدأ. مع العلم ان الرئيس الحريري لم يحظ حينها بتوافق مذهبي كالذي حازه الرئيس بري كمرشح للثنائية الشيعية, وكان خروجه في مرة منهما – او المرتين ربما - بقرار ذاتي من باب التكتيك الإنتخابي والسياسي.

وبما انه يمكن للبعض إرجاع تلك الممارسة الى الدور السوري الذي كان ضابطاَ للعملية السياسية, فيمكن الإحتجاج بالمقابل بإستمرار تلك الممارسة حتى مع خروج القوات السورية من لبنان. منذ العام 2005 حتى العام 2011 إحتفظ كل من الرئيس بري برئاسة المجلس حتى عندما فازت قوى 14 آذار بالأكثرية وإحتفظ تيار المستقبل ( السنيورة ثم سعد الحريري) برئاسة الحكومة, بداية من ضمن الإتفاق الرباعي الشهير ثم بإتفاق الدوحة, رغم ان أحداث الـ 7 من آيار وما سبقها من ممارسات إلغائية لحكومة السنيورة البتراء كانت تتيح للثنائي الشيعي خيارات أخرى.

من ناحية ثانية, حين جرى الإتفاق على الهوية المذهبية للرؤساء الثلاثة فإن روحية الطائف إفترضت انهم يحظون بتمثيل معتبر على الأقل داخل مذاهبهم, وإلا لأصبح إشتراط الهوية الدينية فارغاً من المعنى السياسي. لذا يُعتبر إقصاء مرشح الثنائية الشيعية عن رئاسة البرلمان إقصاءً لمن يمثل ما يقارب 90% من المقترعين الشيعة, وهو ما يخالف روحية التوافق الطائفي أو الديموقراطية التوافقية. إذاً كيف جرى إقصاء سعد الحريري عن رئاسة الحكومة قبل أن تنتقل الى الرئيس نجيب ميقاتي؟ إن إقصاء الحريري كان بسبب كسره قواعد اللعبة القائمة وليس بهدف خلق قواعد جديدة, بعد أن كسر الحريري قاعدة عدم الإعتداء على المقاومة, وذلك من خلال الإستقواء بالخارج عبر المحكمة الدولية, فموقف الحريري من القرار الإتهامي لا يقل دهاءً وخبثاً عن مقرارت 5 أيار الشهيرة. إذاً لم يكن موقف الثنائية الشيعية إنكاراً للقاعدة التي تكرس أحقية تيار المستقبل برئاسة الحكومة بل إعادة تكريس لقواعد اللعبة الداخلية وتوازناتها بعدما أراد الحريري تغيير كل ذلك عبر القرار الظني.

ولكن لماذا لا تنطبق هذه القاعدة على موقع رئاسة الجمهورية؟ اي رغم أن تكتل الجنرال ميشال عون حاز على 70% من التمثيل المسيحي في إنتخابات 2005 إلا انه جرى تجاوز ذلك بعدما جرى إنتخاب الرئيس ميشال سليمان خلفاً للعماد أميل لحود, فما تبرير ذلك؟ في الواقع هذا يعود الى جملة أسباب: أولاً هو ضعف المسيحيين وتهميشهم  في النظام اللبناني بعد إتفاق الطائف, وهو ما أتاح بدوره إخضاع الموقع للتسوية الإقليمية – الدولية بشكل كامل. ثانياً, أصبحت الرئاسة كضمانة للتوازن الإسلامي في النظام , كموزان بين رئيس المجلس الشيعي ورئيس الحكومة السني, وعليه كان لا بد من ضمان وجود رئيس محايد أي لا يلاقي إعتراض الطرفين المسلمين, بمعزل عن قوته التمثيلية. ثالثاً, أتاحت تحولات 2005 الخروج من هذا العجز, كان من الممكن لسمير جعجع وأمين الجميل تكريس حق المسيحيين بإختيار رئيسهم لو انهم أقروا بهذا الموقع للعماد عون حينها, ولكنهم بإختيارهم الوقوف بوجهه قضى جعجع على فرصة إعادة موقع الرئاسة الى المسيحيين فعلياً, وكذلك على إحتمال وصوله الى الرئاسة مهما كانت قوته التمثيلية المسيحية في المستقبل.

تدرك قوى 14 آذار كل ما تقدم ولكنها تستخدم مقولة "إقصاء بري" من باب الإبتزاز, مرة من باب عودة سعد الحريري الى رئاسة الحكومة ومرة من باب قانون الإنتخاب, والتصريح الأخير لجعجع لا يخرج عن هذا السياق. في الواقع لا تملك قوى 14 آذار إلا القليل من أوراق القوة التي يمكنها وضعها على طاولة اللعبة الداخلية, لذا لا تجد بداً من إستجلاب أرواق إفتراضية من المستقبل القريب, كالتهويل بعدم دعم وصول بري الى رئاسة المجلس. بكل الأحوال لا يمكن ل 14 آذار ان تمتلك من الأصوات ما يؤهلها للتحكم بمصير رئاسة المجلس النيابي, إذا أن النائب وليد جنبلاط وميقاتي والوسطيين لن يغامروا مطلقاً في السير ضد بري في رئاسة المجلس, وهي الكتلة التي يُرجح أن تكون "بيضة قبان" المرحلة المقبلة أيضاً.

إذاً, بمعزل عن تقييم آداء الرئيس بري, سلباً او إيجاباً, أو الموقف من النظام اللبناني, فبحسب قواعد اللعبة اللبنانية والممارسة السياسية المستقرة وطبيعة النظام السياسي, فضلاً عن توازنات القوة والتمثيل, الرئيس المقبل لمجلس النواب اللبناني هو من ستسميته الثنائية الشيعية أي الرئيس بري. هنا ينبغي القول أن " ناقل الكفر ليس بكافر", هذا هو نظامنا السياسي, ولكن حين نتكلم بالطموحات يصبح من نافلة القول اننا أمام نظام سياسيء مهترىء, ظالم, ومسدود الأفق, وبقاؤه بشكله الحالي متحقق بفعل شبكة الأمان الإقليمية- الدولية فقط. المتاح في المدى المنظور هو إصلاحات متدرجة جزئية قطاعية من خلال إستغلال أي فجوات في النظام او تشابك مصالح مؤقت, قانون الإنتخاب قد يكون البداية الأفضل لهذا المسار.

Mursi’s Foreign Policy: The Inverted Pyramid

 

An analysis of Egyptian foreign policy under Mursi’s presidency at this early moment aims to uncover its future and strategic direction, as this direction will influence the entire region, as every country is related to Egypt, the heart of the Arab world.In order to make the analysis it is necessary to determine the variables that hold priority and control this foreign policy, is it security, religion, economy, regional role, engagement with the West, or Arab-Israeli conflict?

Revolutionary systems usually tend toward revolutionary foreign policies as a result of many factors: the struggle for legitimacy between revolutionary groups, enthusiasm and lack of political experience, the need to commit to the revolutionary discourse which the revolutionaries claimed during the struggle against the old system, the power of extremists within revolutionary movements during the first period as they hold legitimacy of achieving the victory, the attempt to divert public attention from internal challenges by magnifying external threats, and finally the ideology of revolutionary groups, their world view and role conception , which motivate the other factors.

It is worth noting that the foreign policy of the Muslim Brotherhood in Egypt is not revolutionary at all, except in its discourse. They are presenting a positive position toward the US and international institutions, engaging with Turkey and Gulf states, dealing cautiously with Hamas, ignoring Israeli violations and recognizing the Camp David peace treaty, adopting a “cold” policy toward Iran and an aggressive one toward the Syrian regime. This early pragmatism can be explained by many factors:

The Muslim Brotherhood separates its vision for internal policies from external ones; at the national level it uses ideological and religious discourse while using pragmatism in foreign policies. This separation is also at the organizational level after the formation of a political party – Freedom and Justice Party – which is separated from the religious institution of Muslim Brotherhood.

The Muslim Brotherhood is concerned primary with the challenges of the economy and development, as it considers that these issue will determine its legitimacy in public opinion which is crucial for the next elections.

It tends to methodologically address social and political challenges step by step and not in a revolutionary way. It believes first in founding the Muslim individual then the Muslim family, then the Muslim society, then Islamic government, and finally mastering the world. This way of thinking is expressed by talking about priorities, “jurisdiction of priorities” in a way that allows the group to ignore issues that it cannot deal with at a certain moment.

Finally, all Islamic actors in the region are testing a “political adaptation” process. They are becoming more realistic and aware of the limits of ideology in politics.

However, even with this pragmatism, the Muslim Brotherhood needs to preserve its religious image, which is necessary in order to legitimatize its leadership role, nationally and regionally. For that, it is aiming to build Egypt’s regional role by claiming leadership of the Sunni Arabs, as was apparent in Mursi’s speech in Tehran, the emotional position about the Syrian Crisis, delaying the normalization of relations with Iran, and claiming that it represents moderate Islam.

  • What about the Gaza seize?

  • What about its relations with Saudi Arabia and its sectarian role?

  • What about Turkey and its strategic partnership with NATO and the US?

  • What about its position toward Israel?

  • Will Mursi ask for certain measures in these cases as he did for the Syrian crisis? 

Religion and defending Sunnis, for the Muslim Brotherhood, stop at the Palestinian borders.

The Muslim Brotherhood is claiming its intention to regain Egypt’s regional leadership after years of retreat under Mubarak’s rule. But is this possible through begging for loans, donations and investments from states that do not have an interest in an independent Egyptian regional role? These states – such as Turkey, Saudi Arabia, and the US – will offer some economic benefits, but that will be the price for reproducing Mubarak’s foreign policy with a religious cover. Does the Muslim Brotherhood think it can achieve political independence by economic dependence?

On the contrary, Egypt’s economic opportunities must be dependent on its political vision, and this vision must be based on Egypt’s ability to be the core of a regional integration process. Egypt can play a neutral and balanced role between Iran, Iraq, Saudi Arabia and Turkey in order to enhance this regional integration process. Also, the Muslim Brotherhood must realize that the solution for Egypt’s economic problems is based primarily on an independent national decision and internal policies such as a stable and legitimate political system, efficiency of government, quality of the educational system and public facilities. For example, the reformation of Suez Channel could increase its profits by tens of billions of dollars.

Egyptian foreign policy should be based on a clear definition of national security and interests, and not the interests of the Muslim Brotherhood’s regime, as Mubarak used to do. This is not to underestimate the economic challenges in Egypt, especially as a country that lacks natural resources (in contrast to Saudi Arabia and Iran) and is governed by an Islamic group, but it is wrong to give primacy to economy over politics, it is like putting an Egyptian pyramid upside down. All the countries in the Middle East need a multi-layered regional integration process, especially Egypt as a non–oil state.  The Muslim Brotherhood has to realize that emotional discourse and Islamic symbols without clear and productive actions and a clear position toward Israel and US regional role, will lose their power and influence soon, especially with the end of the Syrian crisis. May be it is appropriate to finish with a famous quote from Imam Khomeini: “This revolution is not about the price of watermelon.”

Hosam Matar is a Lebanese researcher of International Relations.

السياسة الخارجية لمرسي: الهرم المقلوب

مقال نشر في صحيفة السفير, العدد 12314 بتاريخ 20\10\2012


السفير
ليست الكتابة الآن عن السياسة الخارجية المصرية الحالية من باب الاستعجال أو «تسجيل النقاط»، بل محاولة لاستكشاف مسارها المستقبلي، وهذا أمر ضروري كونه متعلقاً بمصر تحديداً. في سياق محاولة الاستكشاف هذه، يجب العمل على معرفة ما هي المحددات الرئيسية ذات الأولية التي تتحكم بالسياسة الخارجية لدى القيادة المصرية الحالية، هل هو الأمن؟ الدين؟ الاقتصاد؟ الدور الاقليمي؟ التقرب من الغرب؟ أم الصراع مع اسرائيل؟

الأنظمة الناتجة عن عملية انتقال ثورية للسلطة عادة ما تميل نحو تبني سياسة خارجية ثورية، ويعزو الباحثون هذا النمط الى جملة عوامل: الصراع على الشرعية بين القوى الثورية، الحماسة والاندفاع وانعدام خبرة السلطة والحكم لدى هذه القوى ، سعي هذه القوى الى اظهار الالتزام بخطابها الثوري المعلن قبل اسقاط النظام القديم كون هذا الخطاب لا يزال حياً ونشطاً في أذهان العامة والاعلام، قوة الأصوليين والمتشددين داخل القوى الثورية في تلك المرحلة المبكرة باعتبارهم النواة التي تحملت العبء الأكبر في تحقيق النصر، محاولة تشتيت الانتباه عن الأزمات والتحديات الداخلية وشد العصب الداخلي حول النظام الجديد من خلال التركيز على عدو خارجي وتضخيم الاخطار المحدقة، وأخيراً تلعب عقيدة القوى الثورية ورؤيتها للعالم ولدورها فيه ومستوى الجرعة الثورية والايديولوجية في فكرها وتنظيرها دوراً جوهرياً في تحفيز العوامل الأخرى.

الا أن البارز حتى اللحظة، أن السياسة الخارجية لـ«لاخوان المسلمين» ليست ثورية الا ببعض الخطابة والخطوات الرمزية: موقف منفتح على واشنطن والمؤسسات الدولية، مداهن للخليج وتركيا، احتوائي لحركة «حماس»، متهرب من موقف واضح من الكيان الاسرائيلي، ملتزم بـ«كامب ديفيد»، بارد اتجاه ايران وعدائي تجاه النظام السوري. أما تفسير هذه البراغماتية المبكرة فيمكن ردها الى جملة عوامل: قيام «الاخوان» بفصل نهج السياسة الداخلية عن الخارجية، في الداخل خطاب عقائدي ديني تعبوي وانتهازية في الخارج ، في الداخل تبرز الجماعة وفي الخارج يبرز حزبها. ثانياً، خضوع الجماعة للهاجس الاقتصادي بشكل بارز، لأن الجماعة تعتقد أن شرعيتها لدى الناخبين مرتبطة بشكل جوهري بالتحسن الاقتصادي والمعيشي والتنموي، والا ستخرج من السلطة مجدداً. ثالثاً، الجماعة منهجياً تميل للتغيير المتدرج وليس الثوري، (بناء الفرد المسلم ثم الآسرة ثم المجتمع ثم الحكومة المسلمة ثم أستاذية العالم) أي ذهنية الجماعة ليست ذهنية ثورية وهو ما يحاول الاخوان اخفاؤه تحت عنوان «فقه الأولويات». رابعاً، هو أن مختلف القوى الاسلامية في المنطقة مرت وتمر بعملية «تكيف سياسي»، أي أصبحت أكثر ادراكاً لضرورة مراعاة الوقائع المادية وموازين القوى وحدود الايديولوجية في السياسة.

وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون مع مرسي
الا أن الجماعة مضطرة للحفاظ على صورتها الدينية، أي شرعيتها كقيادة اسلامية على مستوى الداخلي والاقليمي. لذا يسعى الاخوان لأن يكون دور مصر الاقليمي منطلقه قيادة العالم الاسلامي «السني»، وهذا ما حاول مرسي الايحاء به في خطابه في طهران أمام قمة عدم الانحياز، والخطاب العالي والعاطفي المشحون عما يجري في سوريا. الحديث عن الاسلام المعتدل والمنفتح، والبرودة تجاه ايران والمماطلة في تطبيع العلاقات المتبادلة. لكن ماذا عن حصار غزة؟ ماذا عن الدور السعودي المذهبي؟ ماذا عن شراكة تركيا الاستراتيجية مع «الناتو» والولايات المتحدة؟ ماذا عن الموقف من اسرائيل ورفضها للتسوية؟ ماذا عن تهويد القدس؟ هل من مطالبة بخطوات عملية وحاسمة كتلك التي يطلقها مرسي بشأن الأزمة السورية، لا سيما أنه جعلها بسوية القضية الفلسطينية؟ تتوقف حدود الشريعة والدفاع عن السنة عند «الاخوان المسلمين» على مشارف رفح.

يتحدث «الاخوان» عن السعي لاستعادة دور مصر القيادي على المستوى الاقليمي، فهل يكون ذلك باستجداء القروض والهبات والاستثمارات من الدول التي لا مصلحة لها بدور ريادي مصري مستقل، كالسعودية وتركيا والولايات المتحدة؟ لن تتردد هذه الدول في الضخ المالي، وان ليس بالمستوى الذي يطمح اليه «الاخوان»، ولكن الثمن المقابل هو اعادة انتاج السياسة الخارجية لمبارك ولكن بضجيج أكبر وسبحة باليد. هل يظن «الاخوان المسلمون» أنه من الممكن خلق استقلال سياسي في ظل تبعية اقتصادية؟ الدعوة لرفض التبعية الاقتصادية لا تعني الانغلاق والانعزال، بل تعني أن فرص مصر الاقتصادية يجب أن تكون تابعة لمشروعها السياسي وليس العكس. المشروع السياسي الأهم لمصر قد يكون في سعيها لأن تكون نواة لمشروع تكامل اقليمي يخدم مصالح دول المنطقة وشعوبها، عبر دور متوازن ومستقل بين ايران وتركيا والسعودية والعراق، بعيداً عن الضغوط الغربية. وفي السياق ذاته، لا بد أن يدرك «الاخوان» أن الأزمة الاقتصادية وعلاجاتها مرتبطة بالأصل بالقرار السيادي وبالداخل المصري، مثل استقرار وشرعية النظام السياسي، الكفاءة التنفيذية للحكومة، فعالية القضاء، المستوى التعليمي ونوعية المرافق العامة، مثلا يمكن لاصلاح وتطوير قناة السويس أن يؤمن مداخيل اضافية بعشرات مليارات الدولارات.

يجب أن تنطلق السياسة الخارجية المصرية من تعريف واضح للأمن والمصالح القومية المصرية وليس مصالح نظام الاخوان المسلمين، كما فعل نظام مبارك. وليس المقصود مما تقدم انكار أهمية التحديات الاقتصادية لا سيما في ظل حكم مجموعة اسلامية لدولة كبرى غير نفطية (بعكس ما هي الحال في ايــران والسـعودية) بل القصــد أن اخضاع المشروع السياسي للمحدد الاقتــصادي شبــيه بمحاولة وضع أحد أهرام مصر «بالمقـلوب». كل القوى الاقلــيمية في المنـطقة لا ملاذ لها الا مشروع تكـامل اقليمي متعدد الطــبقات، لا سيما بالنسبة لدولة غير نفطية كمصر. كـما على «الاخـوان» أن يدركوا أن الخطابة والشعارات الدينية غير المقترنة بأفعـال ومواقف واضحة من الكيان الصهيوني وسياسة واشنـطن الاقليـمية سرعان ما ستفقد زخمها وتأثيرهـا في القلوب لا سيـما عند نهاية الأزمة السـورية. ربمـا من المفيد الاشارة لقول الامام الخميني عند انتصـار الثورة الاسـلامية في ايران أن الهدف من الثورة «ليس تحديد سعر البطيخ»، فاعتبروا.

حسام مطر

Turkish Regional Test: Rhetoric and Actions


Turkish soldiers in a military vehicle patrol on the Turkish-Syrian border near the village of Hacipasa in Hatay province, southern Turkey 11 October 2012. (Photo: Reuters - Osman Orsal)
 
Published Thursday, Alakhbar Englsih, October 11, 2012
 
The Turkish government is daily repeating aggressive statements and threats to the Syrian regime, such as demanding the Syrian president to resign and even military threats – as happened lately after a Syrian mortar killed three Turks near the border inside Turkey.However, Turkey is still not able to intervene in a direct and more powerful way and this is not the first time Turkey faces such a contradiction between its rhetoric and actions, as happened in 2010 when Israeli forces killed 11 Turks during the “Gaza flotilla attack.”

This dilemma appears because the Justice and Development Party (AKP) exists under the following factors: Ottoman’s historical glory, rejection from the Europeans, the geo-strategic visions of Ahmet Davutoğlu (Minister of Foreign Affairs), and, most importantly, the AKP’s need for a religious–revolutionary rhetoric to mobilize the Turkish people in order to control power away from military elites’ restrictions and national parties’ influence. This means that the AKP ignored for a period the structural elements, especially the regional balance of power, and that has made the party lose its credibility over time.

Theoretically there are two main approaches, the first emphasizes the priority of the structure and objective conditions which determine the behavior of the agent, as the balance of power and the nature of regional system. For example, Soli Özel (Istanbul Kadir Has University) argues that “Undoubtedly, the actors do shape their environment, but not at will. They are circumscribed by their capacities, by other actors’ relative power, and the conditions created by major shifts in that environment.” The second approach gives priority to the agent who influences the structure and shapes it; the structure is not more than the sum of the actions of the agents. For that, the most important aspect of the agent’s behavior is its identity, internal system, strategic culture, values and ambitions.

This structure-agent debate can contribute to understanding the current crisis in Turkish foreign policy, as it faces many restrictions and obstacles – as is evident in the tensions with Syria and Israel. In the Israeli case, it was interesting to notice that as Turkey became more aggressive towards Israel it becomes closer to the US and NATO, which makes it rhetoric against Israel suspicious. This not to say that Turkey is just a “Western proxy,” it differs in this aspect from some Arab regimes, but rather that Turkey is a regional power with wide national interests in Eurasia and clear ambition for regional leadership and for that it seeks to cooperate, coordinate and integrate with Western polices in the Middle East. 

However, some Western powers demand Turkey, as a regional power, to engage more and hold more responsibility in the Syrian crisis. Anne-Marie Slaughter (former director of policy planning in the US State Department) criticized Turkey when it called for an international conference titled “Friends of Syria”, because of its weak and reactive and rhetorical policy that is based merely on diplomacy and words without actions. States that are eager to enjoy the trappings of great-power status – with the assumption that they must be consulted on major events or crises in their regions – must accept the burdens that go with it. They must be prepared not just to talk, but to act, she concluded.
 
After controlling the internal political game and testing the balance of regional power, especially with the rise of the Russian and Chinese regional roles and the growing tensions with Israel, Greece, Cyprus, Iran, Kurds and Iraq, AKP’s government is now more concerned with focusing on structural elements – mainly strategic calculations for the power game in the Middle East. This development led analysts such as Asli Aydintasbas (columnist for the Turkish daily Milliyet) to argue that “Turkey’s Syria policy will remain rhetoric in the absence of a clear international consensus regarding further action.”

Furthermore, Turkey within such a regional environment will seek for strategic partnership with new Arab regimes as Egypt, and with the NATO.This harmony between Turkey and NATO contradicts Israeli’s predictions at the beginning of their crisis with Ankara that Turkey is shifting away from the West. Efraim Inbar (Director of Begin-Sadat Center, BESA) warned in series of articles after the “Gaza flotilla attack,” that Turkish understandings with Islamic powers such as Iran, Syria and “resistance” movements, will change the balance of power within the Middle East, reduce the Western influence in the region, weaken NATO, and threaten oil routes to the West. This Israeli campaign was aiming to mobilize the West against the AKP and to isolate Ankara, because the Israelis were confused and concerned about the Turkish shift and US withdrawal from Iraq.

In conclusion, Turkey is using mainly its soft power and not its hard power in order to extend its influence and leadership in the region, and for that Turkey is using growing Islamic discourse which is deviating gradually toward sectarianism. As for the Syrian crisis, Turkey is and will continue to focus on diplomacy, statements and covert actions. Though this will not lead to defeating the Syrian regime, it will enhance Turkey’s legitimacy and attract more followers and supporters in the region. The current Turkish role is a reflection of the US decline in the region and the Western need to form a regional Sunni coalition to balance against Iran. It seems that the Middle East contains more than one “Israel.”

Hosam Matar is a Lebanese researcher of International Relations.

مقابلة لموقع قناة المنار : تركيا وسوريا ... أفق التصعيد ودلالاته

مقابلة مع موقع قناة المنار بتاريخ 11 تشرين الأول 2012

أحمد فرحات
كثيرة هي تداعيات الأزمة بين تركيا وسورية، التي تنقلت بين التصريحات والاتهامات المتبادلة، وصولاً إلى احتكاكات مباشرة بتبادل لإطلاق النار على طرفي الحدود، واعتراض طائرة مدنية سورية في أنقرة.

الطائرة المدنية السورية في أنقرةأنقرة التي تمارس سياسة التصعيد الخطابي حيناً والهدوء أحياناً أخرى، يبدو أنها اختارت السير وحيدة في مواجهة سورية، حيث أن دول الأطلسي الغارقة في بحر أزماتها المالية والسياسية، حسمت خيارها بشان الأزمة بين أنقرة ودمشق، فاكتفت بالدعوة إلى ضبط النفس وبوقف إطلاق النار، بانتظار تنازل روسي أو تراجع سوري، يسمح للمشروع الغربي بالتموضع على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، وبالتالي في المنطقة برمتها.
صورة أردوغان تعرضت للإهتزاز بعد كثرة خطاباته وقلة أفعاله
وفي هذا السياق، أكد الباحث والكاتب في العلاقات الدولية الدكتور حسام مطر، أن أسباب هذا التصعيد التركي، مرتبطة بعدة عوامل:
محاولة من رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان "لتجديد صورته ودوره اتجاه الأزمة السورية، ولتعزيز شرعية دوره على المستوى العربي والإسلامي، وبأن أنقرة قادرة على القيام بأفعال واقعية بعيداً عن الخطابة الرنانة والعالية النبرة، بعد الصورة التي طبعت في الأذهان، بأن النظام التركي عاجز ومحكوم لتوازنات المنطقة الدقيقة".

يلخص الدكتور مطر هذا بالقول بأن "خطاب أردوغان سيبقى أسوأ واكثر عدائية من أفعاله".
حشود عسكرية تركيةثانياً، يشير مطر الى ان الحكومة التركية تسعى من خلال التصعيد الأخير إلى التهويل عن النظام السوري وتشتيت جهد الجيش السوري بهدف تخفيف الضغط عن المجموعات المسلحة في ظل تقدم القوات المسلحة السورية في حلب وحمص وإدلب.
ثالثاً، ترغب تركيا بتوريط القوى الحليفة لها بشكل اكبر وأعمق في الصراع في ظل الإنكفاء الأميركي في لحظة الإنتخابات، وهذا قد يكون له علاقة بإختيار طائرة قادمة من روسيا والتعرض لها بهذا الشكل الإستفزازي. ويرجح مطر أثناء عرضه لهذه النقطة أن يكون الأتراك أدركوا مؤخراً أن الغرب لم يعد مقتنع بالقدرة على الإطاحة بالأسد، وبانه أصبح يميل الى إطالة أمد النزاع لا أكثر وهو ما لا يناسب الأتراك بتاتاً.

تداعيات التصعيد التركي على التوازنات الإقليمية والدولية
الرئيس الإيراني ورئيس الحكومة التركية
"هذا التصعيد لن يمتد إلى مواجه عسكرية شاملة ولا إلى حرب تركية ـ سورية، فالتوازن الإقليمي لا يمسح بذلك، والأتراك يدركون ذلك جيداً"، كما أكد مطر، "فالأتراك غير قادرين على تحمل تكاليف مواجهة مماثلة، والسوريون أيضاً غير معنيين بمعركة مع تركيا في ظل المعارك الطاحنة والقاسية في الداخل السوري، والأهم أن الأطراف الإقليمية والدولية المشاركة في النزاع السوري لا مصلحة لها بإنفلات التوتر السوري - التركي خوفاً من تمدده لمواجهة إقليمية شاملة".
وفي سياق لا يقل أهمية يحاجج د. مطر بكيفية إنعكاس التأزم بين أنقرة ودمشق على العلاقات التركية - الإيرانية.
"الإيرانيون صمام الأمان لأي تفجر في العلاقات بين انقرة ودمشق"، يقول مطر، ومن هنا يمكن تفسير زيارة نائب الرئيس الايراني محمد رضا رحيمي الى انقرة ولقائه المسؤولين الاتراك، بعد سقوط قذيفة من الجانب السوري داخل الأراضي التركية الاسبوع الماضي، والأتراك يبدو انهم حريصون على إبقاء خطوط التواصل مفتوحة مع القادة الإيرانيين، للحفاظ على مستوى من الثقة، يمنع أي تفجر في المنطقة، فالعلاقات التركية مع جارتيها السورية والعراقية أصبحت بفعل سياسات حزب العدالة والتنمية محكومة بتوازن العلاقة مع طهران.
وعلى مستوى العلاقات بين أنقرة وموسكو، شدد الدكتور مطر على أن حادثة تفتيش الطائرة السورية القادمة من موسكو، هي تبادل رسائل سياسية حادة بين الطرفين، هذا ويريد الأتراك الإيحاء بأن الأزمة السورية تدفع المنطقة تجاه المجهول بالفعل، خصوصاً وأن "الأتراك يرون في ظل إنعدام أفق التدخل العسكري ولو المحدود، أن اتجاه المعارك ليس في صالحهم، وبالتالي يعملون على تدخل رمزي، من خلال التهويل والتوتير، في محاولة لإشعار الإيراني والروسي، بأن أنقرة جدية، وأن الأمور تتجه نحو مواجهة إقليمية بين محورين يصطف فيها العالم العربي خلف الأتراك، كمحاولة للضغط على بعض الأطراف لتقديم تنازلات كالموافقة على تولي الشرع قيادة مرحلة إنتقالية".

تركيا ... تصعيد في الأرض وعينها إلى السماء على إطلاق عجلة التسوية
اثناء اجتماع مجموعة الاتصال حول سورية في القاهرة
على الرغم من أن تسوية الأزمة في سورية بعيدة المنال في الوقت الحالي، قال الباحث حسام مطر إن "التصعيد الذي تقوم بها تركيا في الفترة الأخيرة، ليس الهدف منه القضاء على فرص  التسوية، بل محاولة فتح مسار تفاوضي من خلال دفع الأزمة الى إحتمالات مخيفة لجميع الأطراف. فالأتراك مطلعون على الواقع الميداني ولا يملكون لا خيار الحرب او الإنصياع، لذا كان لا بد من مسار يؤدي بالحد الأدنى الى وقف إطلاق النار، بما يحفظ المكاسب التي حققتها المعارضة المسلحة في الميدان".
ويتساءل مطر، "هل يسعى الأتراك من خلال القصف المدفعي على بعض المناطق الحدودية الى رسم منطقة عازلة بشكل غير رسمي من خلال تطويقها بزنار نار من المدفعية التركية ؟"، الدافع وراء هذا التساؤل بحسب مطر هو "إستحالة أن يتقبل الأتراك قيام الجيش السوري بإستعادة السيطرة في المناطق الحدودية عند ريفي إدلب وحلب، فذلك سيكون بمثابة إعلان هزيمة تركية مدوية، ولذا ليسوا في وارد القبول به، وعلى الأرجح ان يأخذ السوريون هذه الحسابات التركية بعين الإعتبار، ويكتفوا بالسيطرة على مدينتي ادلب وحلب والقرى المحيطة من دون الدفع بقوات كبيرة بإتجاه الشريط الحدودي".

رأي لمجلة دبي الثقافية: الإعلام بعد ثورتي مصر وتونس

بناء لطلب الصحافية الصديقة رنة جوني برأي عن وسائل الاعلام العربي بعد الأحداث العربية الأخيرة , أرسلت بضع فقرات في هذا الشان لتكون من ضمن تحقيق خاص بالموضوع, وأدناه أشير الى النص الآساسي, والى ما ورد منه في المقال المنشور في مجلة "دبي الثقافية" أيلول 2012.

النص الأساسي والكامل لمساهتمي:

كانت الثورات في مصر وتونس بوجه أنظمة إستبدادية بكل ملحقاتها ومن ضمنها الجهاز الإعلامي الذي إنحصرت مهمته في الدعاية السياسية للنظام الحاكم, وهو ما قاد الشعوب العربية بعيداً نحو وسائل إعلام أكثر تحرراً وتعبيراً عن معاناتها وتطلعاتها سواء عبر الفضائيات او العالم المجازي ( الإنترنت). منذ سقوط نظامي مبارك وبن علي دخل البلدان في " مرحلة إنتقالية" وهي مرحلة يُرجح أن تطول وتمتاز بالفوضى والإضطراب والإنفلات والإنفعالات, وهذا ما يٌرجح ان تكون عليه حال الإعلام طوال هذه المرحلة. 

في الحالة المصرية مثلاً, يمكن ملاحظة التالي , نمو ملحوظ للنشاط الإعلامي في الفضاء الإفتراضي, تضخم في عدد الفضائيات, بروز الإعلام الحزبي, إنتشار ظاهرة الفضائيات الدينية, تراجع الإعلام الرسمي, توسع ملحوظ في الإعلام السياسي- الإجتماعي. لا شك ان هامش الحرية الإعلامية قد إتسع بشكل هائل , هناك إنتقادات قاسية وعلنية لرأس السلطة وللقوى الحاكمة, وقدرة أعلى على ممارسة دور رقابي تجاه الإجهزة التنفيذية , إلا أن ذلك يلامس احياناً حدود " الفوضى". ولكن هذا الهامش الواسع من الحرية لا شك انه سيعود نحو التقلص مجدداً مع تراجع العمل الثوري ومحاولة القوى الثورية  إحكام قبضتها على السلطة . وهذا ما برز مؤخراً من خلال محاولات  جماعة الإخوان المسلمين إحكام السيطرة على الإعلام من خلال وزارة الاعلام ومجلس شورى رؤساء التحرير وضخ الاموال في الإعلام الخاص, وهذا جزء مما يسميه الكاتب المصري علاء الأسواني "ماكينة الإستبداد".

صورة عن المقال المذكور "كتاب لبنانيون يدعون الى تكريس وعي إعلامي جديد".

بالطبع لن يكون ممكناً  تقييد الإعلام كما في الحقبة السابقة, ولكنه سيواجه تحديات عدة , اهمها التنظيم بشرط حفظ  الحرية الضرورية والكافية لدور الإعلام, إخراج الإعلام من الرقابة السياسية نحو رقابة قضائية ومهنية مستقلة, تكريس وعي إعلامي جديد لتأدية دور شريك في عملية التنمية الوطنية الشاملة, تمكين الفئات المهمشة من التعبير وإطلاق صوتها, إيجاد هيكلية معاصرة لإدارة المجال الإعلامي, بالإضافة الى القدرة على إيجاد التوازن بين الدور الوطني والقومي للإعلام المصري, لا سيما ان هذا الإعلام لا زال ضعيفاً على المستوى العربي في المجال السياسي بالتحديد. تخوض المجمتعات العربية حالياً مرحلة " تعلم وتكيف" من ومع الأوضاع الطارئة وليس الإعلام معفياً من هذه المهمة أي التعلم والتكيف بما يناسب حاجات مجتمعاته.

Iranian Foreign Policy: Religion and Interests

 Hosam Matar, Al-akhbar English, Published Friday, September 28, 2012
 
A major dilemma faces all ideological powers about how to resolve the tensions between their material-based interests and value-based interests; it is the choice between realism and idealism. In this regional moment known as “The Arab Spring,” almost all regional powers are facing this challenge, including Iran - as an ideological Islamic actor. 

The “political interpretation” of religious identity views culture and religion as one of many variables defining the behavior of international actors; as opposed to the “anthropological conception” of religious identity which presupposes it to have an essentialist and determinant nature without considering the material factors. The second approach fails to give powerful explanations in the case of Iran. It is usually used to argue that Iran is a “Martyr State” or “Mad State” that is motivated by messianic ideology and controlled by extremist Ayatollahs. 


This notion of a “Martyr State” is usually used to deny the possibility to deter or contain nuclear Iran, making the best option military action against Iranian “military” nuclear facilities. This view of Iran’s “Irrational Fanaticism” is influenced by focus on Iranian discourse and rhetoric more than on its behavior, but as Ray Takeyh (senior fellow for Middle East Studies at the Council on Foreign Relations) says, “Iran is a country whose rhetoric is always worse than its conduct.” Moreover, Iran perceives its relation with the US as a “Chicken Game,” where the best strategy is “claiming insanity” and "brinkmanship," which Iran repeatedly uses. This approach lacks credibility and empirical evidences, and is mainly used for political reasons.
So, the influence of Iran’s religious identity over foreign policy cannot be perfectly understood without understanding its interactive relation with material factors, where the relative weight of these variables is flexible and subject to evolution according to time and national and international contexts. Ayatollah Rafsanjani in an interview 2003 insisted that the relative weight of ideology [Islam] and national interest in foreign policy decision making depends on the circumstances of a particular case at a given point of time.
In spite of its ideological character, Iran considers strategic calculations about material factors, like: economy, balance of power, and security. The Iranian regime is deeply aware of the need to save its revolutionary Islamic character while balancing it with material conditions; this is because pure Islam will protect the “Republic” and the Republic’s independence will keep Islam pure. The Iranian leadership is aware that some of its declared Islamic interests cannot be saved at certain moments due to limits in material conditions; from here, the leadership realized the need to rank these interests according to their importance, in order to direct the material capabilities to save the most important when needed. In this way, culture, mainly religion, informs and in many ways determines the priorities of foreign policy.

This ranking of religious-based interests is based on the interaction of the following variables. First, how much these religious interests simultaneously reinforce Iran’s national interests? Second, how much these interests have a strong symbolism and sacred power in Muslims’ minds and hearts, and their centrality in the ideological discourse of the Islamic Republic and their relation to “Mahdism.” Third, is how much impact these religious interests have on the legitimacy of Iran’s Islamic role at the national, Shia and Islamic levels.
The outcome of this interaction of material-religious variables is, however, affected by many elements that have significant meaning for the Iranian leadership, including: survival, rationality, and political interpretation of religious texts. 

The state’s survival, according to realism, is the ultimate interest; nevertheless, survival-seeking behavior in the international system depends on the actors’ theories of what it takes to survive, and religion can affect this in diverse and significant ways, as Snyder argues. Snyder criticizes Waltz, who writes as if it can be taken for granted that the national interest of a state is its survival in its existing form, but empirically “we know that the nation-state is not an unproblematic billiard ball. The interest of the state is often in a vexed relationship with the interest of the nation as a religious-cultural unit.” 

Even though Iran is not suicidal, the cult of martyrdom in Iranian politico-religious discourse cannot be ignored, as Shiism is so sensitive to this concept. So, Iranian leadership is ready to take risks and high costs in order to save certain Islamic interests according to their importance, so the cost–benefit analysis is based on material and religious scale. At this point, it is necessary to examine Iranian leadership rationality.

It is useful to refer to G. Hossein Razi’s (Professor of Political Science at the University of Houston) work, An Alternative Paradigm to State Rationality in Foreign Policy: The Iran-Iraq War. Razi argues that the assumption of equal rationality of states promoted by rational theories ignores both domestic policies and the elite’s role in foreign policy. The individuals who make up foreign-policy elites are “neither exclusively creatures of reason, nor solely a bundle of subconscious impulses and nonintellectual drives, but a combination of both, the mix of which is not constant in time, even for the same elite, or across space.” And since foreign-policy elites vary in their beliefs, images, motivation and propensity toward rationality, a set of identical objective internal and external constraints do not automatically convert into identical decisions. So, Razi emphasizes the need to understand foreign policy also through cognitive empathy which is based on knowing a leader’s beliefs, images, and motivations. This paradigm is crucial for understanding Iranian foreign policy, where religion’s role is extremely active, having a dominant position for religious leadership and informal structures headed by pro-regime elites. 

So Iran as a strategic ideological actor may sometimes choose religious interests even when they contradict deeply with its material interests, for example:
- First, when the religious interests are directly related to both “Mahdism” and the legitimacy of the Islamic role of Iran, internally and externally according to these interests’ high sacred power and their persistence in Iranian religious discourse.
- Second, when the Supreme Leader holds a world view and religious understanding that rejects compromise and prefers revolutionary actions, especially when he has a president in power sharing the same visions.
- Third, in the moments of high internal tensions that may threaten the legitimacy of the Islamic regime, such interests may prevail in order to cover the loss of popular legitimacy with that of Islamic legitimacy.
- Fourth, when policy-makers fail to recognize or undermine the material costs of promoting religious interest according to lack of information or “irrational” calculations, as metaphysical power. Brenda Shaffer concludes that cultural interests may be promoted when the material trade-offs are unknown to the decision-makers; for that, the amount of information impacts the degree that culture can influence foreign policy. 

In conclusion, Iran’s experience in balancing religious and material interests has evolved through time, and, as Dehshiri and Majidi argue – in Iran’s Foreign Policy in Post-Revolution Era: A Holistic Approach – Iran’s foreign policy has succeeded in balancing its religious ideals and pragmatism, as well as the national and transnational interests of the Islamic “Ummah” by taking into account the constraints of the international and regional systems while preserving its identity and principles. Thus, they conclude, the Islamic Republic of Iran becomes a model to be emulated on the world stage. This balancing process can explain many ambiguities in Iranian foreign policy since 1979 up until the “Arab Spring,” including the Syrian crisis. 

Hosam Matar is a Lebanese researcher of International Relations.

Syrian Crisis: Soft Balancing Against US


Published  at english Al-akhbar, Monday, September 17, 2012

 
HomeWithin the ongoing Syrian crisis there is a central debate concerning the involvement of international and regional powers, mainly Russia and China. Since the beginning of the crisis, many analysts and politicians predicted that both Russia and China would abandon the Syrian regime and accept to support the “Yemen Model” as a solution for the conflict in Syria. However, it is now more than a year on and the two powers seem more committed than ever to the Syrian regime. To understand the position of the two powers a broader approach is needed, an approach that includes the changes in international dynamics and balances of power, the strategic calculations against the US role, the reflections of the Arab uprisings and regional politics.

Since the end of the Cold War, realists have faced many challenges to their theoretical arguments concerning the “balance of power.” The early 1990s did not witness serious attempts from major powers to balance the American hegemony as realists used to claim. Second-tier major powers such as China and Russia have mostly abandoned traditional "hard balancing" based on countervailing alliances and arms buildups-at the systemic level. Many theories were presented to explain this absence of “balancing” against the US, such as the incompatible US primacy, many major powers preferred to “bandwagon” the US rather than to balance it, economic interdependence between the US and these powers, and most importantly, the absence of concern about territorial security for major powers. According to Professor of International Relations at McGill University, T.V. Paul, the US was perceived as a defender of the international status quo and an opponent of forced territorial revisions.

However, since the US invasion of Iraq 2003, major powers began to feel threatened by the US, which was perceived as attempting to reinforce its hegemony with total neglect of the interests of other major powers. This “neo-imperial grand strategy" as recognized by John Ikenberry in the Foreign Affairs magazine, provoked China and Russia – and even some European powers – as they thought the US victory in Iraq would encourage the Americans to practice unlimited imperialism, intensive military interventions and total unilateralism in international affairs. The Bush administration aimed to completely change international law as Noam Chomsky argues, because it considered international law as a system of principles modified continuously by international practice, which means only by American practice. A powerful state has the capacity to create what is called a new norm and the Iraq war was an attempt to create a the doctrine of “preventive war”.

Both Russia and China are losing their strategic spots in the region, they lost the Iraqi regime in 2003, and then Libyan regime in 2011 by a limited military Western intervention under the cover of the “Arab Spring.” The two powers are adopting an increasingly “soft balance” strategy against the US, this is clearly revealed in their handling of the Syrian crisis. Soft balancing can be described as actions that do not aim to challenge the American military primacy directly, but to delay, hinder, and postpone US unilateral policies by using non-military methods such as coalitions in international organizations, economic tools and diplomatic initiatives.
.
Even this “balance” will not prevent the US from achieving some of its interests and goals, but it will make such achievements more expensive, will bring more damage to US legitimacy and deeper tensions with major powers and allies, and even may cause an economic power shift against the US, according to political scientist Robert Pape. US policy toward the Syrian crisis indicated that Obama is still ignoring Russian and Chinese vital interests in the Middle East.China and Russia had no choice but to strengthen their strategic spots on the Middle Eastern chess board, namely in Syria and Iran.


The American decline led the US to transfer many regional responsibilities to its regional allies, mainly the Gulf States and Turkey, in order to enhance regional balance of power against Iran through regional tools. China and Russia even cooperated with Obama by approving sanctions against Tehran in the Security Council (2010), however, they concluded that the US was pushing its regional allies to take a lead in the Syrian conflict without considering their vital interests. Both powers had no choice but to strengthen their strategic spots on the Middle Eastern chess board, namely in Syria and Iran.
 
The Chinese and Russian policy toward the Syrian crisis can be described as a “soft balancing” strategy against US, that includes their coalition within the Security Council, using vetoes, building wide agreement about the crisis within the BRICS and Shanghai Cooperation Organization, offering logistical military support to the Syrian army, and presenting economic aids and technical support with which to face the international sanctions. The political position declared by both countries is constant, a refusal of military intervention and regime change by force and sanctions, while supporting the option of a political process that includes a national dialogue and international guarantees toward a new regime as the Syrian people want it. These are the guidelines for both countries which they will commit to whilst engaging in the regional and international efforts to find a solution to the crisis.

There is the possibility that soft balancing will evolve into hard balancing. Both Pape and Paul argue that the mechanisms of soft balancing become “harder” when American unilateralism increases, and it may change to hard balancing, especially with the US decline at the international level. How and when Russia and China may seek hard balance against the US in the Middle East depends partly on how the Syrian Crisis will end, but what is obvious is that both countries do not have the option of retreating now.

Hosam Matar is a Lebanese researcher of International Relations