(هذا التعليق خاص بالمدونة يرجى ذكر ذلك عند إعادة النشر)
موجة التوتير الأخيرة
للمعارضة السورية المسلحة وجبهة النصرة تجاه حزب الله, الحديث المتصاعد عن معركة
طاحنة قادمة في طرابلس , الإستفزازات المتصاعدة لأحمد الأسير تجاه حزب الله أيضاَ, هذه كلها لا تمت للصدفة بصلة.
يقرأ معارضو النظام السوري في الداخل
السوري وخارجه, لا سيما المتطرفين منهم, أن مرحلة سقوط النظام في سورية قد طويت, وأن
التسوية دخلت حيز الممكن, وهي ستتضمن بلا شك التضحية بهم. لذلك يمكن تفسير هذه
الموجة من التوتير كمساعي لتعطيل فرص التسوية, كرسالة للأميركيين بأن هناك من هو
يخوض المواجهة عنهم, كمحاولة لتحصيل بعض المكاسب السياسية والحصانة في الداخل
اللبناني قبل برود الجبهات السورية, وربما كمحاولة تعويض نفسي بإتتصارات وهمية بل
ومستحيلة.
من المنطقي أن نتوقع هجرة
الحالة السلفية الجهادية من سوريا بإتجاه لبنان كلما تبين أن الأفق السوري مسدود
بوجهها في سوريا. وفي ظل حالة التعبئة المذهبية الحالية لن يكون من المستبعد ان
تجد هذه الجماعات بيئة حاضنة لها في لبنان. قوى 14 آذار لا ترى في هذا المشهد إلا الخصومة
مع حزب الله, ليحترق البلد ما دام الحريق سيطال المقاومة وسلاحها. في ظل الأزمة
السورية والإضطراب في المنطقة وتفسخات الوضع المحلي من الدولة الى المجتمع, تحللت
كثير من مكابح الآمان, ومستوى الغضب والحقد المتفشي يجعل من هذا السيناريو الدموي
جدياً.
إستدراج حزب الله وإيران
الى معركة مذهبية هو حلم المرحلة. يبدو الطرفان شديدا اليقظة, في الأمس أعاد السيد
علي الخامنئي تأكيد فتوى سابقة بتحريم التعرض لرموز أهل السنة, وهو ما إستوجب موقفاً
متناغماً من شيخ الإزهر. في المقابل تنجح السعودية يوماً بعد يوم في
"وهبنة" جماعات متزايدة من المسلمين وتدفع بهم الى الخطوط الأمامية في
سياق مواجهتها لطهران نيابة عن واشنطن وتل أبيب كما فعلت سابقاً مع عبد الناصر
" السني". التركيز على "الديني" فيما يجري يجعلنا نغفل
"السياسي" و "الإقتصادي – الإجتماعي" لهذا التوتر, العنوان
المذهبي مضلل, حجة لنقتل بعضنا من دون الشعور بالذنب, تحويل الجريمة الى لذة, الى
وعد بالجنة. غالباً ما يُقتل الفقراء على أيدي فقراء آخرين خدمة لملك نتن في مملكة
ظلامية, لأن الملوك أدهى من يلطخوا أولادهم بالدم, ألم يحن ولو لمرة أن يقتل
الفقراء ملوك الفتنة؟! جواب التاريخ محبط, للأسف.
حسام مطر