من أنا

صورتي
باحث وكاتب لبناني في العلاقات الدولية والدراسات السياسية.حائز على إجازتي حقوق وعلوم سياسية من الجامعة اللبنانية ودبلومي قانون عام وعلاقات دولية, وماستر علاقات دولية ودراسات أوروبية.حاصل على منحة تفوق من الجامعة اللبنانية لنيل شهادة الدكتوراه. حالياً يتابع دراسة الدكتوراه في العلاقات الدولية في جامعة براغ الدولية.

تعليق سياسي 4- الإشتباك المذهبي: تشاؤم لا بد منه

(هذا التعليق خاص بالمدونة يرجى ذكر ذلك عند إعادة النشر)


موجة التوتير الأخيرة للمعارضة السورية المسلحة وجبهة النصرة تجاه حزب الله, الحديث المتصاعد عن معركة طاحنة قادمة في طرابلس , الإستفزازات المتصاعدة لأحمد الأسير تجاه  حزب الله أيضاَ, هذه كلها لا تمت للصدفة بصلة. يقرأ معارضو النظام السوري  في الداخل السوري وخارجه, لا سيما المتطرفين منهم, أن مرحلة سقوط النظام في سورية قد طويت, وأن التسوية دخلت حيز الممكن, وهي ستتضمن بلا شك التضحية بهم. لذلك يمكن تفسير هذه الموجة من التوتير كمساعي لتعطيل فرص التسوية, كرسالة للأميركيين بأن هناك من هو يخوض المواجهة عنهم, كمحاولة لتحصيل بعض المكاسب السياسية والحصانة في الداخل اللبناني قبل برود الجبهات السورية, وربما كمحاولة تعويض نفسي بإتتصارات وهمية بل ومستحيلة.

من المنطقي أن نتوقع هجرة الحالة السلفية الجهادية من سوريا بإتجاه لبنان كلما تبين أن الأفق السوري مسدود بوجهها في سوريا. وفي ظل حالة التعبئة المذهبية الحالية لن يكون من المستبعد ان تجد هذه الجماعات بيئة حاضنة لها في لبنان. قوى 14 آذار لا ترى في هذا المشهد إلا الخصومة مع حزب الله, ليحترق البلد ما دام الحريق سيطال المقاومة وسلاحها. في ظل الأزمة السورية والإضطراب في المنطقة وتفسخات الوضع المحلي من الدولة الى المجتمع, تحللت كثير من مكابح الآمان, ومستوى الغضب والحقد المتفشي يجعل من هذا السيناريو الدموي جدياً.
إستدراج حزب الله وإيران الى معركة مذهبية هو حلم المرحلة. يبدو الطرفان شديدا اليقظة, في الأمس أعاد السيد علي الخامنئي تأكيد فتوى سابقة بتحريم التعرض لرموز أهل السنة, وهو ما إستوجب موقفاً متناغماً من شيخ الإزهر. في المقابل تنجح السعودية يوماً بعد يوم في "وهبنة" جماعات متزايدة من المسلمين وتدفع بهم الى الخطوط الأمامية في سياق مواجهتها لطهران نيابة عن واشنطن وتل أبيب كما فعلت سابقاً مع عبد الناصر " السني". التركيز على "الديني" فيما يجري يجعلنا نغفل "السياسي" و "الإقتصادي – الإجتماعي" لهذا التوتر, العنوان المذهبي مضلل, حجة لنقتل بعضنا من دون الشعور بالذنب, تحويل الجريمة الى لذة, الى وعد بالجنة. غالباً ما يُقتل الفقراء على أيدي فقراء آخرين خدمة لملك نتن في مملكة ظلامية, لأن الملوك أدهى من يلطخوا أولادهم بالدم, ألم يحن ولو لمرة أن يقتل الفقراء ملوك الفتنة؟! جواب التاريخ محبط, للأسف.

حسام مطر

تعليق سياسي 3- مناورة القانون الأورثوذكسي: العلمانيون وقتل الناطور



(هذا التعليق خاص بالمدونة ويرجى ذكر ذلك عند إعادة النشر)
 
الهجوم السياسي على حزب الله مغري بلا شك الى درجة أصبح الأمر غوغائياً. عندما طالب حزب الله منذ زمن بقانون انتخابي نسبي بدوائر موسعة مع تخفيض سن الإقتراع كان ذلك من باب السعي الى الهيمنة بحسب فئة واسعة من العلمانيين. فالحزب ليس إصلاحياً, على الأقل لكونه دينياً, برأيهم, ولذا متى قدم طروحات إصلاحية لا بد من رفضها لأنها بلا شك تخفي بُعداً فاسداً, شيء من "الرفض الإستباقي". 

من الواضح لأي متابع أن حزب الله شكل رافعة لمشروع الحكومة الإصلاحي والذي يقوم على النسبية مع دوائر موسعة, وبدل ان يتلقف العلمانيون الفرصة لإستغلال "تقاطع المصالح" ولو المؤقت لدعم هذا المشروع, سادهم الصمت المريع وهم من إعتاد إطلاق حملات دعم النسبية قبيل المواسم الإنتخابية. تبدو المناورة واضحة, حتى اللحظة وبعد إقرار مشروع الأورثوذكسي في اللجان المشتركة, تصرح كل قوى 8 آذار أن المجال لا زال متاحاً للتوافق, في حال وافق المستقبل, على المشروع الإنتخابي المختلط حيث ينتخب 50% من النواب بالنسبية.

فبعد سقوط مشروع الحكومة بالنسبية الكاملة نتيجة إفتقاده للأغلبية النيابية, يسعى حزب الله وحلفاؤه "للتهويل" بالأورثوذكسي في سبيل مشروع قانون "نصف نسبي", وهذا سلوك معتاد في السياسة. لكن البعض يختار تجاهل هذا التكتيك السياسي والهروب مباشرة الى شعارات أخلاقية قابلة للإستهلاك دائماً, والى "تحوير الواقع ليناسب النظرية", وهذا بكل حال أفيون يتعاطاه كثيرون. 

 نعم قد يمر الأورثوذكسي ولكن فقط في حال إصرار تيار المستقبل على قانون ال 60 وحينها تكون تلك مسؤولية المستقبل وسعيه للهيمنة السياسية. الأنكى أن القبول بهذه المناورة, جعلنا في موقع "القطيع" و "الخراف" و "الإنعزاليين على طريق النهاية" وغيرها من مفردات علمانيي "التنوير والإصلاح", "قانونكم" وفرزكم هذا بلا شك أسوأ من المشروع الأروثوذكسي فعلى الأقل لا زلنا فيه بشراً ولو بحقوق منتقصة. توقفوا عن قتل الناطور ولو لمرة, قليل من الإصلاح أجدى وأولى.  

حسام مطر

تعليق سياسي 2 - "الميثاقية عند 14 آذار: إله من تمر"



(هذا التعليق خاص بالمدونة ويرجى ذكر ذلك عند إعادة النشر)
لا نناقش هنا "صوابية" القانون الإرثوذكسي, ولا إن كان المسار الحالي " ميثاقيا" أم لا, فقط معنيون بالتناقض "الوقح- المضحك" في موقف قوى 14 آذار.يزداد تخبط قوى 14 آذار في ظل تناقض الحسابات السياسية- الإنتخابية بين المستقبل وحلفائه المسيحيين, وفي خلفية المشهد يقف العماد عون مبتسماً. وكلما ضاق حبل "الأرثوذكسي" حول رقبة تيار المستقبل كلما إرتفع حسهم "الميثاقي" الى درجة "الكوميديا". فالمشروع الذي لا يلقى موافقة الكتلة السياسية التي تمثل 70% من السنة لا يمكن إقراره في المجلس النيابي وإلا أصبح ذلك مخالفة فاضحة للميثاق و "يوماً أسود في تاريخ لبنان" على حسب ما "غرد" الشيخ سعد.

 حجة الميثاقية هذه لم تغب عن بال مسيحيي 14 آذار أيضا, سجعان القزي كادت أن تدمع عيناه وهو يكررها ويُنظَر لها في حلقة "كلام الناس" الأسبوع الماضي, وأما "المسيحيون المستقلون" في 14 آذار فلم يجدوا بداً من الإستيقاظ من "الغيوبة" وأداء قسطهم من المسرحية التي أدارها "بطرس الميثاقي" المؤيد لإنتخاب رئيس الجمهورية بالنصف زائد واحد.
 
يبدو كل ما قيل طبيعياً ضمن السجال السياسي التقليدي, الى أن نتذكر حكومة فؤاد السنيورة "الميثاقية". هذه الأصوات نفسها دافعت عن ميثاقية حكومة السنيورة التي إستقال منها كل الوزراء الشيعة وغاب عنها من يمثل 70% من المسيحيين. حكومة السنيورة تلك حكمت البلد قرابة العام وإستباحت التعيينات والموزانة والأمن والعلاقات الخارجية, فيما كانت الاصوات أعلاه تتنعم بالمغانم وتبرر ببلاغة  "ميثاقية" الحكومة المبتورة. 

الميثاقية كانت إله من تمر أكلتموه في لحظة حاجة الى الهيمنة, فلا يحق لكم أن تتعبدوها الآن. الفريق الذي يعتبر الحكومة التوافقية "كعربة بحصانين", وهيمن على الحكومة, وإنقلب على التيار العوني قبل إنتخابات 2005, ثم إنقلب على التحالف الرباعي بعدها, الفريق المرتمي بإحضان رايس خلال حرب تموز 2006, فريق حكومة فؤاد السنيورة "المبتورة", يجب أن يشعر "بالبكم" كلما أراد لفظ كلمة "ميثاقية", هذا بعض السم الذي طبخمتوه للبنانيين, وقد حان دوركم. 

حسام مطر

قطر.. واجهة إقليمية لأميركا في ظل تراجع سطوة "إسرائيل"

مقابلة صحفية مع وكالة انباء فارس الإيرانية , بتاريخ 13\2\2013

اعتبر الباحث اللبناني في القضايا الدولية والشؤون السياسية حسام مطر، أن صعود الدور القطري بهذا الشكل مرتبطٌ بشكل مباشر بضمور النفوذ الإقليمي للولايات المتحدة في المنطقة، والقرار الذي اتخذته واشنطن في عهد إدارة باراك أوباما الأولى بتقليص التزاماتها في الشرق الأوسط، وتحويل هذا العبء إلى الحلفاء ولكن تحت مظلة المصالح الأميركية.

وقال مطر في مقابلةٍ مطولة مع مراسل وكالة أنباء فارس :" ضمن هذا التحول الأميركي يمكن فهم صعود الدور القطري والتركي على حد سواء، والذي أصبح جلياً منذ بداية التحولات التي تعصف بالعالم العربي منذ سنتين تقريباً". ونوه إلى أن قطر ليست إلا امتداداً للنفوذ الأميركي في المنطقة, بل هي "بدل عن ضائع" في ظل تراجع السطوة الإسرائيلية، والتعثر في المشروع الوهابي للسعودية. وأشار مطر إلى أن الولايات المتحدة تحتاج في إستراتجيتها الجديدة إلى واجهات إقليمية كما حاجتها لنخب داخلية على مستوى كل دولة, والواجهة الأنسب تلك القادرة أن تتمتع بالمرونة اللازمة لتأدية الدور, وبانتفاء التعقيدات الداخلية والقيود على اتجاه السياسة الخارجية, تبدو قطر مؤهلةً لدور الواجهة وهذا ما تمارسه بالفعل.

وفي سؤاله عن سر نجاح قطر في لعب هذا الدور الإقليمي الذي يفوق حجمها، وما إذا كان هنالك من يخدمها في ذلك، أجاب مطر:" تعتمد قطر بشكلٍ أساسي على مقدراتها المالية الضخمة الناتجة عن مبيعات الغاز كذراع لنفوذها في المنطقة، التي تعاني من فجوات وانتكاسات تنموية ومالية واقتصادية كارثية". واستدرك يقول:" ولكن ذلك لم يكن كافياً, بل سعت قطر في بدايات تمددها إلى محاولة لعب دور "الوسيط المحايد" في ظل الاشتباك الأميركي – الإيراني، وقد تدخلت تحت هذا الغطاء في العراق، ولبنان (اتفاق الدوحة)، وفي الخلاف المحتدم بين حركتي حماس وفتح".

ولفت الباحث في القضايا الدولية والشؤون السياسية، النظر إلى أن القطريين يظهرون طموحات متزايدة، وهذا ما يستدعي منهم البحث عن مصادر أخرى للقوة لا سيما على مستوى الشرعية الإسلامية, ولذا تبرز إشارات متزايدة إلى تأكيد الهوية الوهابية للقطريين ولكن بنسخة أقل تطرفاً من تلك السعودية. وأوضح مطر أن القطريين حاولوا مؤخراً تأكيد جذورهم الوهابية, كما صرح رئيس الوزراء ووزير الخارجية حمد بن جاسم, وهو ما يمكن أن يؤجج التنافس السعودي - القطري بشكل أعمق مستقبلاً. كما أشار إلى أن قطر تستفيد من مواردها المالية لجذب نخب اجتماعية- إعلامية – ثقافية في المنطقة من خلال مؤسساتها الإعلامية ومراكز أبحاث ومؤسسات أكاديمية ليكونوا "رسلها" المبشرين بدورها "التنويري".

وتحدث مطر عن دور الدوحة في حماية مصالح واشنطن في المنطقة، قائلاً:" تستمر قطر بدورها كجزء من الإستراتيجية الأمنية الأميركية في منطقة الخليج (الفارسي), وهذا ليس بالشيء الجديد, فالقواعد العسكرية القائمة على أراضيها وضمن نفوذها، بمثابة نقاط ارتكاز في مشروع الهيمنة على المنطقة، وفي سياسة احتواء إيران". وأضاف:" هذه القواعد تريدها واشنطن بمثابة ضمانة لحلفائها من المنطقة، ومانعاً لهم من التقارب مع طهران"، لافتاً في السياق إلى أن السياسة الإيرانية واضحة في هذا المجال وهي الدعوة إلى مشروع تكامل بين دول المنطقة يراعي مصالحها المشتركة بعيداً عن تأثيرات الدور الأميركي, ولكن اليد الممدودة هذه لم تلقَ تجاوباً بعد.

وعلَّق مطر على دعم قطر لحكومة حماس في غزة، وفي نفس الوقت محافظتها على علاقتها بسلطة محمود عباس في رام الله، والسؤال المطروح بهذا الصدد ألا ترى بأن مفتاح حل عقدة الانقسام الفلسطيني بيد القطريين؟، قائلاً:" المطلوب من القطريين هو لعب دور صمام الأمان في الشأن الفلسطيني، أي منع إمكانية تجدد الانتفاضة بوجه الصهاينة". واستطرد:" العلاقة مع حماس ضرورية لدفعها بعيداً عن طهران من ناحية، وللتأثير في سياستها تجاه "إسرائيل" من خلال الإغراء والضبط من ناحية أخرى، حتى من جهة السلطة الفلسطينية يبدو دور قطر مطلوباً إذ لا مصلحة بعزل السلطة لإبقائها على قيد الحياة بما يضمن عدم انهيار الوضع في الضفة". ويرى مطر أن حل الانقسام الفلسطيني مسألة تتجاوز بكثير قدرات القطريين, نظراً لتعقيداتها الإقليمية المتشعبة، وأيضاً المؤثرات الداخلية التي لا تقل أهمية.  ويختم هذا الباحث حديثه بالقول: "رغم كل ما تقدم ستبقى قطر – على المدى البعيد - من دول "الصف الثاني" في المنطقة, إذ لا يمكن مقارنتها بأي حال بإيران، وتركيا، ومصر، وحتى السعودية، والعراق ولو بدرجة أقل".