في نيسان الماضي تشرفت بإدارة مؤتمر في الجامعة اللبنانية- صيدا برعاية التعبئة التربوية في حزب الله, وقد إخترنا له عنوان " مشروع المقاومة في ظل التحولات العربية" وقد شارك فيه نخبة من الباحثين والأكاديميين والسياسيين:
السيد عمار الموسوي (مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله), العميد المتقاعد الدكتور محمد عباس, الأستاذ حلمي موسى, السيد عبد الحليم فضل الله ( رئيس المركز الإستشاري للدراسات والتوثيق), الاستاذ نصري الصايغ, الدكتور حبيب فياض, الشيخ الدكتور صادق النابلسي, الدكتور محسن صالح , الدكتور جمال واكيم, والختام كان مع سعادة سفير الجمهورية الاسلامية الدكتور غضنفر ركن ابادي. وقد أدار الندوات اساتذة من كليات الجامعة اللبنانية.
ومؤخراً صدر كتيب يشمل أعمال المؤتمر من المداخلات والأوراق المقدمة, والكتيب متوفر لدى مكتبة النبيل قرب كلية الآداب والعلوم الإنسانية- صيدا. وفي إفتتاحية الكتيب كتبت المقدمة التالية:
" أنتجت التحولات العربية
التي أعقبت إسقاط النظام في تونس ثم في مصر, جملة تحديات وتساؤلات عميقة على مجمل
ما هو متعلق بالمنطقة, من السياسة الى الفكر والدين الى الثقافة والإجتماع وموازين
القوة السياسية والعسكرية. كانت هذه الأحداث إختباراً لتواضع الباحثين الذين أقر
كثيرون منهم بأنهم تعرضوا للمباغتة والصدمة والحيرة في بداية تلك الأحداث. لم
تنطلق هذه الأحداث من عوامل إقليمية وداخلية خاصة فقط, بل كانت السياسات الدولية
حاضرة بقوة , وإزداد حضورها مع تقدم الأحداث حيث انتقلت القوى الدولية بدورها من
واقع الصدمة الى محاولة التأثير في صياغة النظم الجديدة بما يناسب رؤيتها ومصالحها
في المنطقة. ليس خافياً الصراع الدائر في الشرق الأوسط بين قوة الهيمنة الدولية أي
الولايات المتحدة والقوى الملحقة بها من جهة, ومحور المقاومة الممتد في المنطقة من
دول ومنظمات تملك مشروعاً تحررياً سيادياً والذي تقوده الجمهورية الإسلامية الإيرانية
بالدرجة الأولى الى جانب سوريا وحركات المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق, وقوى
وطنية وقومية في مصر واليمن والمغرب العربي والخليج.
لم تكن إنطلاقة الإنتفاضات
العربية معزولة عن المواجهة الطاحنة في المنطقة لاسيما منذ العام 2000, بل لعل هذه
الإنتفاضات هي من عوارض هذه المواجهة. ولذا كان من البديهي في ظل سعي المحورين الى
التأثير وجذب التحولات الى مدار مصالحهما, أن ننطلق للبحث في التحديات والفرص التي
يمكن أن تولدها هذه الإنتفاضات العربية لجهة مشروع المقاومة في المنطقة. وبما أن
مشروع المقاومة هو خيار ومسؤولية شعبية ووطنية يجب الإنخراط فيه كل من موقعه, كان
من الضروري التوجه نحو الجامعة اللبنانية وأساتذتها وطلابها للبحث والتفكير الموضوعي
في شأن هذه التحديات والفرص.
إن مشروعاً بحجم وأهمية
مشروع المقاومة لا يمكن أن يستند الى ردود فعل عشوائية أو قراءات سطحية, بل بحاجة
دائمة أن يلجأ صناع القرار في مشروع المقاومة الى أهل الدراية والإختصاص في كل
حقل, وان يتبادل أصحاب المشروع والتجربة مع أصحاب الخبرة والمعرفة النقاش في
الإشكاليات والتساؤلات والتحديات التي تواجه هذا المشروع في محاولة لإستكشاف
المسارات وتوقع الأحداث وتقديم بدائل سياسية. إن غياب هذا التكامل والتعاون بين
المؤسسات الأكاديمية والبحثية مع أصحاب القرار هو أبرز العقبات والثغرات في صناعة
القرار السياسي على المستوى العربي. لم تكن ذهنية المقاومة يوماً ذهنية إقصائية
إستعلائية بل سعت دوماً للتفاعل مع
مجتمعها من القواعد الشعبية الى نخبه المتخصصة, مع الآخذ بين الإعتبار حاجتها
للخصوصية الأمنية في كثير من المجالات, وما هذا الجهد إلا حلقة في سياق واضح
ومستمر وإن كان يحتاج دائماً لمزيد من
التفعيل والتأطير.
بناء لذلك كله, حملنا هذا
المشروع وإنطلقنا به تحت عنوان " مشروع المقاومة في ظل التحولات
العربية", متعاونين مع نخبة من الأكاديمين والخبراء, وبمشاركة طلابية نشطة من
التنظيم الى الإدارة والمشاركة في الندوات, وهو مقصد مطلوب في ذاته أيضاً. وبهدف
توثيق أعمال الندوات والاوراق المقدمة بما يسمح بإستفادة أشمل منها, كان لا بد من
نشر هذا الكتيب, راجين أن يكون ذا منفعة وفائدة وتبصر , وتوطئة لأنشطة أفضل,
سائلين المولى القبول والتوفيق".
حسام مطر - إدارة المؤتمر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق