نشرت هذه المقالة على موقع شباب السفير بتاريخ 1\3\2010 ( أي قبل ثورة 25 يناير بسنة تقريباً)
شكلت عودة الدكتور محمد البرادعي إلى مصر حدثاً بحد ذاتها لدرجة يمكن تشبيها كحجر رمي في بحيرة راكدة حجبت الطحالب العائمة على سطحها الشمس والهواء عن قاطنيها فإهتز الماء فشق بصيص من النور طريقه الى قلوب وعقول المضطهدين الوالهين للحظة حرية. تزامنت عودة البرادعي الصارخة مع ذكرى الثورة الإيرانية الواحدة والثلاثين وبالرغم من الفروقات الشاسعة بين الحدثين إلا أنهما وكما سائر الحركات الشعبية المنتفضة بوجه الاستبداد تنطلقان من فرضية أساسية هي أن الأنظمة الإستبدادية ومهما إختلفت في الصيغ والقوة وآليات القمع فإنها لا تتجاوز حتمية الإنهيار والإندثار,إذ ليست شدة وصلابة وهمجية الأنظمة الإستبدادية أمراً إستثانياً ولكن كذلك. سقوطها. في شباط 1979 حط الإمام الخميني في مطار طهران معلناً نهاية الشاه , فهل نزل البرادعي في شباط 2010 على أرض مطار القاهرة مطلقاً بداية سقوط الفرعون؟
الفرضية التي ينطلق منها السؤال هي أنه بمعزل عن نتيجة تحرك البرادعي إلا انه أعاد إطلاق ديناميكية العمل الشعبي والسياسي بعد طول ركود , وهذا الحراك الذي يعتبر شرطاً ضرورياً في عملية التغيير السياسي يستفيد من عدة شروط مساعدة, منها ما هو مرتبط بشخصية البرادعي وموقعه الداخلي والدولي ومنها ما هو مرتبط بالسلطة المصرية التي هرمت من الداخل وتآكلت من الخارج لا سيما بعد المجزرة في غزة , ومنها ما هو مرتبط بتطور الإهتمام الدولي بحقوق الإنسان والحريات والديمقراطية لا سيما من المنظمات الدولية غير الحكومية بالإضافة الى ما تتيحه الثورة التقنية لا سيما الإنترنت من قدرة على الرصد والنشر والحشد والتعبئة..
يرتكز الإستبداد إلى الترهيب والتضليل وليس الترغيب لخلق القاعدة النفسية للرضوخ المرتكزة على كل من دعامتي الخوف واليأس. وبالتالي فإن نجاح أي حركة شعبية إعتراضية يرتبط بالقدرة الى إسقاط هاتين الدعامتين, إذأ المستبد ليس موجوداً في الخارج كحقيقة واقعة إلا بقدر ما يكون كذلك في داخل الفرد. كانت أحداث الأيام القليلة بعد عودة البرادعي مؤشراً على إهتزاز هاتين الدعامتين بدءً من الإستقبال الشعبي في المطار والتجمعات المؤيدة للبرادعي على مواقع الانترنت والتأييد الواسع من نخب المعارضة والإعلام والفكر حيث أمكن تلمس تراجع مستوى الخوف والإستعداد للمواجهة وإن بطرق سلمية مدنية , بموازاة الأمل بالتغيير وخلق واقع جديد يحترم الشعب وحقوقه وطموحاته . بإختصار كانت عودة البرادعي بمثابة الصدمة التي ثقبت حلقة الخوف واليأس المفرغة , مما يمكن ان يسمح بإطلاق وتحرير الحراك الشعبي بإتجاه التغيير الديمقراطي.
الفرضية التي ينطلق منها السؤال هي أنه بمعزل عن نتيجة تحرك البرادعي إلا انه أعاد إطلاق ديناميكية العمل الشعبي والسياسي بعد طول ركود , وهذا الحراك الذي يعتبر شرطاً ضرورياً في عملية التغيير السياسي يستفيد من عدة شروط مساعدة, منها ما هو مرتبط بشخصية البرادعي وموقعه الداخلي والدولي ومنها ما هو مرتبط بالسلطة المصرية التي هرمت من الداخل وتآكلت من الخارج لا سيما بعد المجزرة في غزة , ومنها ما هو مرتبط بتطور الإهتمام الدولي بحقوق الإنسان والحريات والديمقراطية لا سيما من المنظمات الدولية غير الحكومية بالإضافة الى ما تتيحه الثورة التقنية لا سيما الإنترنت من قدرة على الرصد والنشر والحشد والتعبئة..
يرتكز الإستبداد إلى الترهيب والتضليل وليس الترغيب لخلق القاعدة النفسية للرضوخ المرتكزة على كل من دعامتي الخوف واليأس. وبالتالي فإن نجاح أي حركة شعبية إعتراضية يرتبط بالقدرة الى إسقاط هاتين الدعامتين, إذأ المستبد ليس موجوداً في الخارج كحقيقة واقعة إلا بقدر ما يكون كذلك في داخل الفرد. كانت أحداث الأيام القليلة بعد عودة البرادعي مؤشراً على إهتزاز هاتين الدعامتين بدءً من الإستقبال الشعبي في المطار والتجمعات المؤيدة للبرادعي على مواقع الانترنت والتأييد الواسع من نخب المعارضة والإعلام والفكر حيث أمكن تلمس تراجع مستوى الخوف والإستعداد للمواجهة وإن بطرق سلمية مدنية , بموازاة الأمل بالتغيير وخلق واقع جديد يحترم الشعب وحقوقه وطموحاته . بإختصار كانت عودة البرادعي بمثابة الصدمة التي ثقبت حلقة الخوف واليأس المفرغة , مما يمكن ان يسمح بإطلاق وتحرير الحراك الشعبي بإتجاه التغيير الديمقراطي.
من البديهي أن نتيجة المواجهة بين أي سلطة مستبدة والمعارضة مرتبطة بشكل أساسي بقدرة كل منهما على إستمالة وتعبئة القوة الشعبية ( او الرأي العام إذا صح التعبير), من هذه الزاوية يمكن القول أنه في الإنظمة الديمقراطية يحتاج الشعب الى السلطة لتحقيق أهدافه ورفاهيته أما في الأنظمة الإستبدادية فالسلطة تحتاج إلى الشعب من باب تطويعه وتحييده حيث أن إستعمال القوة غير ممكن دائما, إذ ان " القوة الشمولية تكون قوية فقط إذا انتفت الحاجة لإستعمالها غالبا , اما اذا اصبحت القوة الشمولية واجبة الإستعمال دائماً بوجه الشعب فمن غير المرجح أن تبقى قوية لفترة طويلة " (كارل دويتش). إن جزءاً أساسياً من هشاشة السلطة المصرية ناتج عن الإسراف في السلوك القمعي البوليسي وإستعمال القوة لضرب المعارضة لا سيما جماعة الاخوان المسلمين , فهل ستواجه سلطة مبارك حركة البرادعي بذات الأسلوب أو بالأحرى هل يمكنها أن تستخدم ذات الاسلوب؟.
يمكن القول أن لشخصية البرداعي أثر أساسي في الأسلوب الذي ستنتهجه السلطة لمواجهة هذا التحرك المستجد , حيث أن البرادعي شخصية يكن لها المصريون إحتراماً كبيراً وهي أحد نماذج الإعتزاز والفخر القومي الصري لا سيما بعد نيله جائزة نوبل للسلام , وعلى المستوى الدولي هو شخصية ذات صدقية معتبرة نظراً لأداه في رئاسة الوكالة الدولية للطاقة النووية , وعليه يمكن الى حد كبير إستبعاد أن تلجأ السلطة إلى مواجهة تحرك البرادعي كما واجهت الإخوان المسلمين , مما يفتح الطريق أمام خيارات أخرى بدء من تجاهله أو التضييق عليه وصولاً إلى منحه هامش محدود من الحركة من خلال تعديل الدستور بما يسمح له بالمشاركة مع ضبط أكبر للعملية الإنتخابية بما يمًكن السلطة من تجميل صورتها وإستيعاب الفورة الشعبية , لكن السؤال أنه هل يمكن لهذه السلطة التي تمرست القمع أن تكون بهذا القدر من البراغماتية ؟!
على أنه لا ينبغي تحميل البرادعي أكثر مما يحتمل , فهو يظهر حرصاً على تجنب التعرض للرئيس مبارك ويركز إنتقاداته بذكاء على النظام , بالإضافة الى التشديد في خطابه على العمل السلمي المدني والتغييري الهادىء والواقعي بعيداً عن عبارات الثورة والصدام والإطاحة والمواجهة , إلى درجة أن مطالبته بالتغيير وجهها غالباً إلى السلطة نفسها على مثال حديث " متى إستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم إحراراً " . وقد صرح البرادعي أنه سيعمل بدايةً من أجل التغيير وليس خوض الإنتخابات وهذا بديهي, وأن هذا التغيير قد يحتاج الى وقت وهذا واقعي , مع الملاحظة أنه لا يقدم نفسه قائداً ثورياً أو مخلصاً بل هو بالأحرى يتحرك كمفكر وأكاديمي فيما يظهر أن القوى الشعبية تريد منه عكس ذلك تماماً , وهذا على ما يبدو رهن بتطور تجربته ورؤيته للواقع الداخلي وحجم الالتفاف الشعبي وكذلك طبيعة ردة فعل السلطة , بما يمكن أن يجعله يتحول في مقاربة مسألة السعي لتحقيق الحرية الى قاعدة " لا تكن عبد غيرك وقد خلقك الله حراً " كما قال الإمام علي.
لقد أثبتت تجارب حركات المعارضة في الغرب فعالية العمل المدني والاحتجاج السلمي في تغيير الأنظمة الإستبدادية , حتى إن إحدى المؤسسات البحثية الأميركية ( ألبرت إينستاين) أحصت حوالي 200 أسلوب للإحتجاج السلمي وزعتها ضمن 3 مجموعات أساسية , الإعتراض والإقناع (التظاهرات,المواكب الرمزية) عدم التعاون المقاطعة – الإضراب), والتدخل (الحكومة الموازية). ( الإستيلاء السلمي
إلا أن مدى نجاح حركة التغيير السلمي ترتبط بمدى تفاعل القوى الشعبية وإحساسها بالثقة بالنفس والقدرة على تقرير مصيرها ومن جهة ثانية تقوية مؤسسات المجتمع المدني المستقلة وكذلك وضع خطة إسترايجية شاملة حكيمة للتغيير وتطبيقها بفاعلية وهذا كله يتطلب في النموذج المصري توحد أقطاب المعارضة لا سيما الاخوان المسلمين حول جهود البرادعي. فهل سينجح هذا النموذج السلمي المدني في مصر والعالم العربي ؟!!يمكن القول أن لشخصية البرداعي أثر أساسي في الأسلوب الذي ستنتهجه السلطة لمواجهة هذا التحرك المستجد , حيث أن البرادعي شخصية يكن لها المصريون إحتراماً كبيراً وهي أحد نماذج الإعتزاز والفخر القومي الصري لا سيما بعد نيله جائزة نوبل للسلام , وعلى المستوى الدولي هو شخصية ذات صدقية معتبرة نظراً لأداه في رئاسة الوكالة الدولية للطاقة النووية , وعليه يمكن الى حد كبير إستبعاد أن تلجأ السلطة إلى مواجهة تحرك البرادعي كما واجهت الإخوان المسلمين , مما يفتح الطريق أمام خيارات أخرى بدء من تجاهله أو التضييق عليه وصولاً إلى منحه هامش محدود من الحركة من خلال تعديل الدستور بما يسمح له بالمشاركة مع ضبط أكبر للعملية الإنتخابية بما يمًكن السلطة من تجميل صورتها وإستيعاب الفورة الشعبية , لكن السؤال أنه هل يمكن لهذه السلطة التي تمرست القمع أن تكون بهذا القدر من البراغماتية ؟!
على أنه لا ينبغي تحميل البرادعي أكثر مما يحتمل , فهو يظهر حرصاً على تجنب التعرض للرئيس مبارك ويركز إنتقاداته بذكاء على النظام , بالإضافة الى التشديد في خطابه على العمل السلمي المدني والتغييري الهادىء والواقعي بعيداً عن عبارات الثورة والصدام والإطاحة والمواجهة , إلى درجة أن مطالبته بالتغيير وجهها غالباً إلى السلطة نفسها على مثال حديث " متى إستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم إحراراً " . وقد صرح البرادعي أنه سيعمل بدايةً من أجل التغيير وليس خوض الإنتخابات وهذا بديهي, وأن هذا التغيير قد يحتاج الى وقت وهذا واقعي , مع الملاحظة أنه لا يقدم نفسه قائداً ثورياً أو مخلصاً بل هو بالأحرى يتحرك كمفكر وأكاديمي فيما يظهر أن القوى الشعبية تريد منه عكس ذلك تماماً , وهذا على ما يبدو رهن بتطور تجربته ورؤيته للواقع الداخلي وحجم الالتفاف الشعبي وكذلك طبيعة ردة فعل السلطة , بما يمكن أن يجعله يتحول في مقاربة مسألة السعي لتحقيق الحرية الى قاعدة " لا تكن عبد غيرك وقد خلقك الله حراً " كما قال الإمام علي.
لقد أثبتت تجارب حركات المعارضة في الغرب فعالية العمل المدني والاحتجاج السلمي في تغيير الأنظمة الإستبدادية , حتى إن إحدى المؤسسات البحثية الأميركية ( ألبرت إينستاين) أحصت حوالي 200 أسلوب للإحتجاج السلمي وزعتها ضمن 3 مجموعات أساسية , الإعتراض والإقناع (التظاهرات,المواكب الرمزية) عدم التعاون المقاطعة – الإضراب), والتدخل (الحكومة الموازية). ( الإستيلاء السلمي
بالعودة إلى سؤال المقدمة حول أثر تحرك الدكتور البرادعي على النظام المصري , الخلاصة أنه بمعزل عن المدى الذي سيبلغه هذا التحرك إلا أنه قد أسس عملياً لمرحلة جديدة سيكون فيها النظام على المحك فعلياً . لقد تجاوز النظام المصري ذروته ( كمثال , 40% تحت خط الفقر – المرتبة 132 عالميا في مستوى التقدم البشري) وآن للشعب أن يحكم وليس جماعة " إحنا إدلعنا على إيامك يا ريس" كما كتب أحد رؤساء التحرير في إفتتاحية إحدى الصحف المصرية بمناسبة عيد ميلاد الرئيس مبارك . ضعوا عيونكم جيداً على مصر... إنها تستيقظ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق