من أنا

صورتي
باحث وكاتب لبناني في العلاقات الدولية والدراسات السياسية.حائز على إجازتي حقوق وعلوم سياسية من الجامعة اللبنانية ودبلومي قانون عام وعلاقات دولية, وماستر علاقات دولية ودراسات أوروبية.حاصل على منحة تفوق من الجامعة اللبنانية لنيل شهادة الدكتوراه. حالياً يتابع دراسة الدكتوراه في العلاقات الدولية في جامعة براغ الدولية.

إيران وروسيا: عودة التقارب؟

نشرت هذه المقالة في جريدة الأخبار اللبنانية, العدد 1523 بتاريخ 28\9\2011


مع بداية التسعينيات، كانت روسيا ملاذ إيران للخروج من عزلتها الدولية. مذ حينها، كان التقارب مع روسيا جزءاً جوهرياً في استراتيجية الصعود الإيراني، مما انعكس نمواً في مجالات التبادل النووي والعسكري والتجاري والدبلوماسي بينهما. ويكفي لذلك تفحص السياسة الإيرانية حول الصراع في الشيشان، إذ قامت طهران بتنحية موقفها العقائدي جانباً، لخير مصلحتها القومية حينها، مما استجلب لها انتقادات داخلية وخارجية حادة.

لم يكن عصيّاً على الأميركيين إدراك تلك الفجوة التي أوجدها التعاون الروسي ـــــ الإيراني في محاولات الإدارات الأميركية المتعاقبة لحصار الجمهورية الإسلامية. ولذلك شكلت إيران أبرز نقاط الافتراق الأميركية ـــــ الروسية، التي حلّت دوماً على مائدة المساومات بينهما. إلا أنّ موسكو كانت تجد أنّ الثمن الأميركي المعروض لا يعوّض المكاسب التي تتيحها طهران. أدى ذلك «الثبات» الروسي تجاه العلاقة مع إيران الى عجز الساسة الإيرانيين عن توقع التغييرات التي قد تدفع بموسكو الى «بيعهم للشيطان»، بحسب تعبير أحمدي نجاد، عقب القرار الروسي بتعليق صفقة بيع منظومة الدفاع الجوي «اس 300».
وقد سبق تلك الخطوة الروسية انتكاسة أخطر بسبب موافقة موسكو على الجولة الرابعة من العقوبات الدولية في مجلس الأمن. وقد جرى إسناد ذلك التحوّل الى جملة عوامل، منها: سياسة الانفتاح الأميركي بقيادة أوباما تجاه موسكو؛ الوعد الأميركي بتأييد انضمام روسيا لمنظمة التجارة الدولية؛ والأخذ بالهواجس الروسية حيال مشروع الدرع الصاروخية في أوروبا. لكن روسيا أطلقت أخيراً مبادرة «خطوة بخطوة»، لإخراج الخلاف حول الملف النووي الإيراني من الطريق المسدود الذي وصل إليه. وقد سبق ذلك تطبيقها لإلتزاماتها تجاه تشغيل مفاعل بوشهر. وأعقب تلك المبادرة تنشيط للزيارات المتبادلة بين الطرفين.

في ظل الإشارات إلى عودة التقارب الإيراني ـــــ الروسي، سارع المحللون الأميركيون الى محاولة استكشاف خلفيات السلوك الروسي. يعتبر البعض ذلك رسالة انزعاج الى إدارة أوباما بسبب منع 60 مسؤولاً روسياً من دخول الولايات المتحدة بتهمة التورط في قتل المحامي سيرج ماغنيتسكي، وقرار مجلس الشيوخ الأميركي في تأكيد وحدة الأراضي الجورجية، ومطالبة القوات الروسية بالانسحاب من أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. في المقابل، يبرز رأي يشير الى أنّ السلوك الروسي يستند الى محاولة ابتزاز واشنطن. يتبنى دانيال فاجديك ذاك الرأي، معتبراً أنّ من الخطأ اعتبار وجود تغيّر في الموقف الروسي، فالكرملين يزيد انخراطه مع إيران بهدف مقايضة ذلك بتنازلات أميركية في مجالات أخرى، في محيط روسيا الحيوي وفي موقفها من الشؤون الداخلية الروسية. إلا أنّ فاجديك يحذّر إدارة أوباما من التسليم بالابتزاز، باعتبار أنّ موسكو لا تملك القدرة على تغيير السياسات الإيرانية تجاه الملف النووي، وبالتالي لا تملك شيئاً للمقايضة. (دانيال فاجديك، «لا تسمحوا لروسيا باستخدام إيران كأداة للمساومة»، «أميركان إنتربرايز»، 22 آب 2011).
وفي سياق الاستدلال على ذلك الارتياب الأميركي، تبرز قضية تصريح السفير الإيراني لدى روسيا عن نيّة طهران التوجه نحو محكمة تحكيمية دولية في شأن وقف صفقة بيع نظام «اس300»، معللاً الخطوة بالقول إنّ صدور حكم قضائي سيشكل مخرجاً لائقاً لموسكو لتوريد المنظومة. ورغم أنّ المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية أعلن استغراب بلاده للخطوة الإيرانية، إلا أنّ بعض المحللين الأميركيين يشككون بوجود مؤامرة إيرانية ـــــ روسية، لاستكمال التعاون العسكري بينهما.

غير أنّه يمكن الاستناد الى أسباب أخرى للموقف الروسي المستجد، إذ تتلمس موسكو محدودية النتائج المترتبة على تعاونها مع واشنطن، في مقابل ما يمكن التعاونَ مع إيران أن يستجلبه. ثانياً، في ظلّ الأزمة الاقتصادية، تجد موسكو أنّ شريكاً كإيران يمكن أن يقدم لها ميزات اقتصادية مضاعفة. ثالثاً، ترى موسكو في تطوّرات المنطقة، ولا سيما ليبيا وسوريا، تهديداً خطيراً لنفوذها فيها، في ظلّ عدم تجاوب واشنطن مع المصالح الروسية الحيوية في الشرق الأوسط، وتحديداً في سوريا.
رابعاً، القلق الروسي من الصعود الإقليمي التركي، إذ إنّه يعني بالنسبة لموسكو أنّ انقرة ستصبح أكثر قدرةً وجرأةً في سياستها تجاه منطقة بحر قزوين والبلقان وآسيا الوسطى. لذا تجد روسيا في تعزيز الدور الإيراني سبيلاً ضرورياً لموازنة النفوذ التركي، فضلاً عن الدور الأميركي في الشرق الأوسط.

يدرك الإيرانيون تلك التوازنات الحساسة، وكذلك مكامن الضعف في الموقف الروسي، ولذا صرح صالحي في موسكو أنّه «في ما يتعلق ببحر قزوين، لدينا وجهات نظر مشتركة وجيدة... وتقرر تمهيد الأرضية لتوسيع التعاون الاقتصادي... في مجالات الطاقة والبنى التحتية والشحن والنقل والترانزيت والتنمية».
يعرف الإيرانيون أنّ أبرز عناصر قوّة العقوبات الدولية هو مدى الإجماع عليها، ولذلك سعوا الى تهشيم ذلك الإجماع وإضعافه. لذا سيكون التحوّل الروسي ـــــ إن اكتمل ـــــ بمثابة ضربة قاصمة لظهر العقوبات الدولية. يبدو أنّ الروس تيقّنوا أنّه لم يعد لأوباما «الغريق»، أن ينتشل أحداً، لذا تتقدم الشراكة مجدداً مع إيران، في مواجهة تسونامي التغييرات الإقليمية والدولية.

حسام مطر

America’s Biggest Concern in the “Arab Spring”: Iran

 This article was published by "Arab Center For Research and Policy Studies", 25\9\2011.


Tensions, rapid events, and succeeding statements have created misconceptions and confusion over the backgrounds of certain policies, as well as their true aims. This statement can be applied to US policy in the Middle East during this phase. US decision-makers are participating in this confusion, as are the region's ruling parties and large sections of the population. Richard Betts, author of Enemies of Intelligence: Knowledge and Power in American National Security, the best-selling book within the intelligence community, believes that the biggest challenge for the intelligence community, and consequently for American policy, is identifying the nature of the movements currently happening. Betts is inclined to believe that, "We [Americans] don't know much about this." He considers that this knowledge gap is partially caused by a lack of knowledge and fluency in other languages, based on the false assumption that everyone speaks English.

In order to understand the truth about US positions and policies in the region at this complicated, changeable moment, one must understand the essential core of American beliefs about what forms the hub of their strategic interests in the Middle East. It is useful to step aside, for a moment, from the tumult of events, and to look at what kinds of discussions are taking place in Washington's corridors. For this reason, we have studied a number of testimonials to the US Senate's Committee on Foreign Relations, as well as the opinions of key scholars of US foreign policy.


Based on what we have already said about confusion and complications, Michael Makovsky mentioned before the Senate Subcommittee on Near Eastern and South and Central Asian Affairs, in April 2011, that one of Winston Churchill's key qualities was his insistence on specifying goals within priorities and aiming to achieve them at the cost of less important matters, concluding that this "is precisely what the United States needs at this particular moment". Following his own logic then, Makovsky proceeded to specify what he considered the United States' priorities to be: ensuring the secure production of petrol, committing to a safe Israel, and weakening and vanquishing Islamic fundamentalism and terrorism. However, "there is one threat that could endanger these three interests, one above all others: a nuclear Iran." For this reason, ensuring that a nuclear Iran would never see the light of day "must be the primary goal that leads our policy in light of the current, confused events." While freedom must inspire American policies whenever possible, the priority, for Makovsky, is to confront the Iranian challenge that threatens America's strategic interests.

According to Makovsky and Suzanne Maloney of the Carnegie Endowment for International Peace, the Iranian challenge has generally been the most prevalent of the Arab changes, except for the case of Syria. Furthermore, its Arab allies' (for example, the Arab Gulf states) increasing lack of trust in Washington could push them to become closer to Tehran, a matter which mandates the fast rebuilding of confidence. Makovsky believes that the conflict in Libya diverted attention away from the Iranian nuclear threat, which has not been stopped by sanctions, computer viruses, or the assassinations of scientists; in fact, its capacities continue to develop. Therefore, he argues that the US must focus on applying more sanctions on Iran, and give serious credibility - and visibility - to the military option, and that it must prepare public opinion for such a scenario. In short, Makovsky reiterates: "We must, as much as possible, support the liberation movements in the region, but our reaction to developments must primarily focus on the need to prevent Iran from developing military nuclear capabilities, since this is the major strategic threat to us."

The infamous John Bolton has decided that one of his responsibilities at this particular juncture is to remind the public of the fact that the Iranian nuclear threat takes priority over all the developments in the region, and that this threat should remain at the forefront of events, which he has done by highlighting a number of estimates and studies that discuss the fact that time has run out for dealing with Iran, and emphasizing that there is a secret nuclear cooperation between Syria and Iran. In his testimonial on June 23, 2011, titled "Iran and Syria: The Next Steps," Bolton did not touch upon any of the events currently underway in the Middle East, for fear that it would draw attention away from Iran, except for when he criticized the Obama Administration for not exercising the military option in Syria, as it had done in Libya.

At the same time, Robert Satloff, Director of the Washington Institute, stated that the "pressing issue when it comes to Syria is not whether the Syrians can succeed in toppling the Assad regime, or whether the regime may survive, but rather, it is the dealing of a sharp blow to the anti-Western, anti-democratic, anti-peace axis that passes through Damascus" (i.e., changing the strategic results to confront Iran). On the topic of Iran, Satloff warns that the developments in the Arab world have drawn attention away from the Iranian threat, a matter that must be avoided at any cost. He also warns that the Iranian nuclear threat has now become more serious than it was before the "Arab Spring". He raises fears of the international community becoming used to the idea of a nuclear Iran, which would make it accept the situation, and attempt to coexist with it once it occurs.


Further proof of the existence of an American tunnel vision, viewing the entire Middle East as Iran, is encapsulated in a report to The New York Times titled, "The Biggest Competition in the Middle East: Iran," which argues that the United States' position on the developments and revolutions across the Arab world is limited and confined by the effect this could have on the US's strategic calculations about containing Iranian power in the region. This conclusion is confirmed by the head of the National Iranian-American Council, who in his recurring meetings with officials in the American administration affirms that, "the main concern about the ongoing transformations in the Middle East is the extent of their effect on the US-Iran confrontation." From an Iranian perspective, the United States is attempting a rapprochement with the Middle East, which deeply affects how it is forming its policies of response to the "Arab Spring". 


Scott Lucas, researcher in Iranian affairs at Birmingham University, also critiques this narrow American view towards the Middle East, which leads the US to ignore both the internal affairs of the region's nation-states and the people's need for political legitimacy. The US attitude to Egypt is nothing but a reflection of this policy, which continues to think of the region's states and its peoples merely as pawns in the game against Iran. In sum, Americans realize that this is not the moment of big decisions for President Obama, who is already preoccupied with the next presidential elections and addressing or improving the declining economy, which he knows is the magic key to winning the hearts and minds of the American electorate in the upcoming elections. For the foreseeable future, there will not be any major moves on Iran, which right-wing American analysts believe is steadily continuing to progress towards nuclear capacity. They believe that since the direct confrontation is not an option at the moment, there can be no escape from focusing on complex, winding policies as long as they focus on Iran, and that they don't affect or impede the march of freedom and democracy in the Middle East. For this reason, Washington is dealing with the Arab transformations according to the following tripartite division:


1- Allied regimes that have collapsed (Tunisia and Egypt): The US is trying to intervene in forming the transformation, whether through economic intervention (direct intervention, or through international organizations or Arab allies), or through political influence, or influencing civil society.


2-  Allied regimes that are being confronted with popular challenges (Saudi Arabia, Bahrain, and Jordan): Washington is trying to encourage some reforms that could guarantee the stability of these regimes, while simultaneously avoiding harsh, public criticism of them. The difficulty in dealing with this group, for Washington, lies in the fact that it places announced American values at odds with American interests, which contributes to the tarnishing of America's image as a sponsor of democracy regionally and internationally.

   3-Antagonistic regimes (Syria and Libya): Here, Washington seems to be strongly involved because of the bitter regional struggle, particularly at a time when America's military options in the region are declining.


The decline in America's foreign policy capabilities and resources as a result of the financial crisis will force American policymakers to focus their resources into the more significant challenges, the most important of which is Iran, at the expense of America's other interests in the region. For this reason, the Americans will become more extreme in their attempt to steer the Arab transformations towards their own interests, even if these clash with the local population's ambitions. They will attempt to use this in order to compensate for the absence of military and economic tools that the US can use in its confrontation with Iran. Americans have always excelled in their absolute pragmatism, which has unleashed various ills upon our region. Those who are after freedom and democracy at this Arab moment must make sure that their movement will not be used or co-opted in Washington's struggles in the region, or else their "spring" will turn into a bitter winter.

Hosam Matar

Religion and Pragmatism In Iranian Foreign Policy

Abstract
Understanding religion’s role and influence on Iranian foreign policy is essential due to Iran’s Islamic Shiite identity and messianic character. However, religion does not act in vacuum; it may be constrained by power factors. Iran faces constantly and at certain moments, contradictions between its religious objectives and material interests, which oblige it to make a choice by preferring one of them. In order to understand this choice, this thesis applies a conceptual framework of the political interpretation of religious identity. This framework allows Iran to combine both religion and pragmatism while making its foreign policies in a way that preserve the Islamic Republic’s material interests according to Islamic concepts of expediency “Maslaha” and necessity. Nevertheless, Iran seems to prefer, at certain moments - prioritized religious objectives even against its material interests according to their, sacred value, legitimacy, and connection to Mahdism. This behavior is influenced by Islamic interpretations and Shiite historical political experience. Iran from this perspective is a strategic ideological actor; many cases are used to demonstrate that, Iran’s attitude toward Israel, supporting movements fighting against Israel such as Hezbollah and Hamas, Salman Rushdie case and the Chechen war

 
Main Chapters

Islamic Iran: A Challenge for International Relations Theory

Approaching Religion’s Role in Foreign Policy
 
      Iranian World View and Strategic Culture
 
The “Mahdism” Role of Islamic Iran
Iran: More Than A State
 
The Supreme Leader as The “Gate Keeper  

Iran’s Foreign Policy Overview
     
Study Cases
 
Conclusion



The full text is available at:
 http://www.scribd.com/doc/114195689/Iran-Foreign-Policy-Religion-and-Pragmatism-Final-Thesis4

ما قبل المجزرة: إسرائيل تشيطن النروج


بادرت مؤسسة الشؤون العالمية لليهود منذ أيام الى إرسال رسالة عبر البريد الإلكتروني, ومضمون الرسالة  هو دراسة أصدرها مركز أورشاليم للشؤون العامة – مركز دراسات إسرائيلي- إلا أن الملفت هو عنوان الدراسة  الصادرة عام  2008: "خلف القناع الإنساني: الدول الإسكندنافية, إسرائيل واليهود". لا شك أنه لو وصلت هذه الرسالة قبل بضعة أسابيع لما أعرناها إهتماماً إستثنائياً, إلا ان وصولها بعد المجزرة المروعة التي وقعت مؤخراً في النروج والتي إرتكبها يميني أصولي متيم بإسرائيل, جعل من الدراسة امراً لافتاً.
تقع الدراسة في 256 صفحة  وهي تركز على تجذر معاداة السامية واليهودية والعداء لإسرائيل في الدول الإسكندنافية  وخاصة في النروج. وتهدف الدراسة بحسب محررها الى رفع قناع الإنسانية وحقوق الإنسان التي تتقن هذه الدول الإختباء وراءه لممارسة سياسات عنصرية تجاه اليهود وإسرائيل. هذا القناع يخفي صفات بشعة من, تمويل شيطنة إسرائيل, فوقية أخلاقية مبتدعة, فضيلة مزيفة , والأهم "عنصرية إنسانية" أي تلك التي تعتقد أن "البيض" هم فقط المسؤولون كاملاً عن أفعالهم بعكس الأعراق الأخرى, كالفلسطينيين والعرب عموماً الذين لا يحق لإسرائيل الرد على أفعالهم ولا يحاسبهم المجتمع الدولي.

التكبر والمعايير المزدوجة تجاه إسرائيل غالباً ما يجتمعان في سياسة النروج والسويد, ولكن – يسأل الكاتب- هل يمكن لهاتين الدوليتن أن تبقيا ديموقراطيتين لو انها تواجهان تهديدات كتلك التي توجهها إسرائيل ؟ المؤشرات التي يسردها الكاتب تجعله يجزم بالنفي. إلا ان الكاتب يستدرك – تحسباُ للردود- أن هذه الدول وقفت في فترات محددة الى جانب إسرائيل واليهود خلال عقود مضت, إلا ان ذلك لا يلغي أن معاداة السامية ومعاداة إسرائيل والصهيونية تبلغ أشدها في هذه الدول مقارنة بسائر أوروبا.
تتقدم النروج على سائر الدول الإسكندينافية بل والأوروبية في خطابها المعادي للسامية وإسرائيل, كما تروج الدراسة, وللإستدلال يشير الكاتب الى: دور وسائل الإعلام النروجية ( كما أثناء تغطية الإنتفاضة الثانية), الدعوات المتكررة لمقاطعة إسرائيل, المقاطعة الإكاديمية , دور منظمات المجتمع المدني, حملة الرسوم الكاريكاتورية (تصوير اليهود كطفيليات, شياطين, مشكلة العالم, كوحوش), تجاهل المحرقة, والمواقف الرسمية لشخصيات رسمية. ففي أثناء حرب 2006, كتب جوستين غاردير في أحدى أشهر الصحف النروجية: " إسرائيل هي من التاريخ, نحن لا نعترف بدولة إسرائيل ولا يوجد طريق للعودة الى الوراء". يضاف الى ذلك كله ما يصفه التقرير بإزدياد الهجمات ذات الخلفية العنصرية تجاه اليهود لا سيما بعد حرب لبنان 2006.

من أمثلة هذه الكراهية في النروج – بحسب الدراسة: الصور الكاريكاتورية في الصحف النروجية التي تجعلها "أسوا من الصحف النازية". دعوات المقاطعة الرسمية كما فعلت كريستين هالفورسين   -وزيرة مال نروجية- التي هي "على الأغلب أول شخصية حكومية غربية تدعم مقاطعة إسرائيل إستهلاكياً". نداءات الإتحادات التجارية النروجية لمقاطعة إسرائيل عام 2002 كانت من أولى المنظمات الغربية التي تقوم بذلك. وفي ظل مقاطعة حماس, حصل قادتها على تأشيرات دخول للنروج, فيما حين كان نائب وزير خارجيتها رايموند جوهانسن أول مسؤول غربي رفيع المستوى يلتقي بقادة حماس ومن ضمنهم إسماعيل هنية. بالإضافة لدور المجتمع المدني النروجي في شيطنة إسرائيل.

إلا أن الدراسة تلحظ أن حرب 2006 على لبنان شكلت علامة فارقة إذ ساند اليسار الأوروبي والقوى الإشتراكية النروجية حينها حزب الله "الإرهابي" بوجه إسرائيل "الديموقراطية" كما يشير النص. ويستدل الكاتب بتصريح لوزير الخارجية النروجي أدان فيها الهجوم الإسرائيلي "غير المقبول" , هذا الموقف يعني إنكار حق إسرائيل بالدفاع عن مدنييها بل ويدعم "الإرهاب". هذه التصريحات – الأسوأ أوروبياً - هي مزيج من العجرفة والجهل من سياسيي هذا البلد "الصغير". يضاف الى كل ذلك تصرحيات اعضاء لجنة جائزة نوبل النروجيين الذين صرح بعضهم عن ندمهم عام 2002 لمنح بيريز جائزة نوبل للسلام فيما كانت إسرائيل ترتكب جرائم حرب.
تعتبر هذه الدراسة – كما عشرات مثيلاتها- جزء أساسي من الدبلوماسية العامة الإسرائيلية في مواجهة تردي صورتها على الصعيد الدولي, لا سيما وأنها الدولة التي تجهد لإقناع الغربيين بأنها واحة "الديموقراطية" وسط غابة الإستبداد العربي بكل وحشيته. يسعى الصهاينة  من خلال هذه حملات الى إبتزاز هذه الدول وإضعاف مصداقيتها لدى الرأي العام الدولي وخلق إعتقاد بأن مواقفها المناهضة لإسرائيل لا تستند الى معطيات موضوعية بل إلى تلفيقات عنصرية.
 والأدهى أن إسرائيل تعمد الى مواجهة هذه الدول – كما النروج – من خلال إستغلال إنقساماتها الداخلية والسعي لتعميقها قدر المستطاع, وصولاً الى خلق حالات تطرف شاذة تشوه صورة الإعتدال والديموقراطية المأخوذة عن تلك الدول مما يضعف مصداقية إنتقادتها لجرائم إسرائيل. 

 لقد وفرت الحملة الإسرائيلية المركزة على النروج مادة خصبة لإستفزاز مجموعات يمينية وإستغلت عقيدتهم العدوانية تجاه المسلمين لا سيما في ظل الأزمات التي تعصف بالأوروبيين وتكشف الرماد عن جمر متطرفيهم. لم تنبت أفكار بريفيك  وسلوكه الإجرامي بعيداً عن الرعاية العنصرية الإسرائيلية, ولم تكن أفكاره حول العرب وإسرائيل بل وحتى عن موطنه وحكومته إلا نتاجاً لما ورد في هذه الدراسة ومثيلاتها. ولم تكن الحملة الصهيونية لكشف " القناع الإنساني" عن النروج  إلا المقدمة الضرورية لخلق "مبررات أخلاقية"  لأفكار وجرائم بريفيك.

هاجس أميركا الأكبر في "الربيع العربي": إيران

 نشرت هذه المقالة عبر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بتاريخ 8\9\2011



تخلق التوترات وسرعة الأحداث وتهافت التصريحات أوهاماً وضبابية فيما يتعلق بخلفيات السياسة ومقاصدها الحقيقية. وهذا ما يمكن أن ينطبق على السياسة الأميركية في الشرق الأوسط خلال هذه المرحلة. ويتشارك في  هذا الاضطراب صانعو السياسة الأميركية أنفسهم، وأنظمة الحكم في المنطقة، وشرائح اجتماعية واسعة. ويعتقد، ريتشارد بتس، صاحب كتاب "أعداء  الاستخبارات"  (أكثر الكتب مبيعاً ضمن مجتمع الاستخبارات) أن التحدي الأصعب  للاستخبارات ومن ثَمّ السياسة الأميركية، هو معرفة طبيعة التحركات الحاصلة حالياً،  ويميل إلى  الاعتقاد " أننا (الأميركيون) لا نعرف كثيرا عن ذلك". ويعتبر أن أحد أسباب هذا العجز هو النقص في فهم اللغات الأخرى بناءً على تصوّر خاطئ يقضي بأن  على الجميع أن يعرف الإنكليزية.

 وعليه، لفهم حقيقة المواقف والسياسات الأميركية تجاه المنطقة في هذه اللحظة الشديدة التعقيد والتغير، لا بد من فهم الجوهر الذي يعتقد الأميركيون أنه قطب الرّحى لمصالحهم  الاستراتيجية في الشرق الأوسط. ولذا من المفيد الابتعاد قليلاً عن صخب الأحداث،  والالتفات إلى ما يدور من نقاشات في أروقة واشنطن. ولهذه الغاية، جرت متابعة جملة شهادات في لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس، وخلاصات لباحثين بارزين في السياسة الخارجية الأميركية. 

انطلاقاً ممّا ذكرناه عن الضبابية والتعقيد، يبدأ مايكل ماكوفسكي شهادته أمام اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وجنوب آسيا، في نيسان/أبريل 2011، من خلال التذكير بإحدى ميزات، وينستون تشرتشل، والمتمثلة في تصميمه على تحديد الأهداف ضمن أولويات والسّعي  إلى تحقيقها على حساب القضايا الأقلّ أهمية، "وهذا ما تحتاج إليه الولايات المتحدة في هذه اللحظة بالتحديد". وعليه لا بد من تحديد مصالح الولايات المتحدة الأساسية ، وهي بحسب المتحدث: التدفق الآمن للنفط، وإسرائيل آمنة، وإضعاف  الإسلام المتطرف والإرهاب وهزيمته. ولكن " تهديدً وحيد يمكن أن يهدّد هذه المصالح الثلاث، أكثر من غيره: إيران نووية". ولذلك يجب أن يبقى منع قيام إيران نوويّة "هدفنا الأسمى الذي يرشد سياستنا وسط غموض الأحداث". فالحرية يجب أن تلهم السياسات الأميركية متى كان ذلك ممكناً، إلاّ أنّ الأولوية، بحسب ماكوفسكي ، هي مواجهة التحدّي الإيراني الذي يهدّد مصالح أميركا  الاستراتيجية.

 وقد كان هذا التحدّي الإيراني المستفيد الأكبر من التحوّلات العربية إلاّ في سورية، بحسب ماكوفسكي، وسوزان مالوني، من مؤسسة كارنيجي. كما أنّ ضعف ثقة حلفاء واشنطن بها (كدول الخليج) قد يدفعهم  إلى التقارب مع طهران، وهذا ما يستوجب إعادة ترميم الثقة بسرعة. يعتقد ماكوفسكي أنّ الصراع في ليبيا أشاح النظر عن التهديد النووي الإيراني الذي لم توقفه العقوبات أو الفيروس أو قتل العلماء، بل  ما زالت قدراته تتطور. لذا يجب التركيز على مزيد من العقوبات على إيران مع إعطاء مصداقية وجدّية للخيار العسكري وإظهاره، وتهيئة الرأي العام  إلى سيناريو كهذا. في الخلاصة، يكرّر ماكوفسكي أنه " يجب علينا ،قدر  الإمكان، رعاية التحرّر في المنطقة، ولكن ردّنا على التطورات يجب أن يستند أوّلاً  إلى الحاجة لمنع إيران من تطوير قدرات نووية عسكرية  باعتباره التهديد  الاستراتيجي الأهم لنا".

أمّا جون بولتون "الشهير"، فوجد من مسؤوليته في هذه اللحظة أن يذكّر بأولويّة التهديد النووي الإيراني على كلّ التطورات في المنطقة والذي لا بدّ أن يبقى في واجهة الأحداث، مبرزاً جملة من التقديرات والدراسات المتعلقة بنفاد الوقت اللازم للتعامل مع إيران، ومشدّداً على وجود تعاون نووي سرّي إيراني- سوري. لم يلتفت "بولتون" مطلقاً في شهادته "إيران وسورية: الخطوات المقبلة" في 23 حزيران/يونيو 2011، إلى كل ما يجري في الشرق الأوسط خوفاً من أن يؤدّي ذلك إلى حرف الأنظار عن إيران، إلاّ عندما انتقد إدارة أوباما لتردّدها في اعتماد الخيار العسكري في سورية كما فعلت في ليبيا.

من جهته يفيد، "روبرت ساتلوف" - مدير معهد واشنطن- في شهادته في المناسبة ذاتها بأنّ "القضية الملحة في شأن سورية ليست في إمكان نجاح السوريين في إسقاط نظام الأسد أو إفلات النظام من السقوط، بل هي في توجيه ضربة مؤلمة،  إلى المحور المعادي للغرب والديمقراطية والسلام والذي يمرّ عبر دمشق"،  تغير النتائج الاستراتيجية للمواجهة مع إيران. وفي الموضوع الإيراني يحذّر "ساتلوف" من أنّ التطورات في العالم العربي حرفت النظر عن التهديد الإيراني وهذا ما يجب تجنّبه بسرعةِ، وقد أصبح التهديد النووي الإيراني أكثر جدّية الآن عمّا كان عليه قبل "الربيع العربي"، ولذا يجب الخوف من اعتياد المجتمع الدولي على فكرة إيران النووية وبما يجعله يتقبّل هذا الوضع ويتساكن معه عند حدوثه.

وممّا يثبت هذه " الرؤية "النفقيَة" الأميركية للشرق الأوسط المنحصرة في إيران،  ما خلص إليه تقرير لـ "نيويورك تايمز" بعنوان " المباراة الأكبر في الشرق الأوسط : إيران" ، وهو أنّ موقف الولايات المتحدة من التطوّرات والثورات العربية مقيّدٌ ومحكوم بمدى تأثير كلٍّ منها في الحسابات الأميركية الاستراتيجية بشأن احتواء القوّة الإيرانية في المنطقة. وكذلك يؤكّد رئيس المجلس القومي الأميركي-الإيراني،  من خلال لقاءاته المتكررة مع مسؤولي الإدارة الأمريكية "أنّ الهاجس الأساسي بشأن التحوّلات المستمرّة في الشرق الأوسط هو مدى تأثيرها  في المواجهة الأميركية- الإيرانية". إنّ الولايات المتحدة تقارب الشرق الأوسط من منظار إيراني، وهو ما يؤثّر عميقًا في كيفية تشكيل سياساتها للاستجابة إلى "الربيع العربي".  وينتقد "سكوت لوكاس"- محلل الشؤون الإيرانية في جامعة بيرمينغهام- أيضاً هذه المقاربة الأميركية الضيّقة للشرق الأوسط والتي تؤدّي إلى تجاهل الأوضاع الداخلية لدول المنطقة، وحاجة الشعوب الماسّة إلى الشرعية السياسية. وما حدث  في مصر ليس إلاّ من انعكاسات هذه السياسة التي لا ترى في دول المنطقة أو مواطنيها إلاّ بيادق في المباراة الكبرى ضدّ إيران. في الخلاصة، يدرك الأميركيون أنّ هذه ليست لحظة الخيارات الكبرى بالنسبة إلى أوباما المسكون بهاجس الانتخابات الرئاسية المقبلة، والتدهور المالي- الاقتصادي الحادّ؛ وهو يدرك أنّ تحسين الاقتصاد الأميركي هو المفتاح السحري لعقول الناخبين الأميركيين وقلوبهم في الانتخابات المنتظرة. ولذا ليس من خطوات كبيرة تجاه إيران، في المدى المنظور، والتي يعتقد محلّلو اليمين الأميركي أنها تتقدّم بثبات نحو القدرات النووية. وعليه، وبما أنّ المواجهة المباشرة متعذّرة فلا مناص من التركيز على السياسات الملتوية، بشرط أن تتركّز على إيران وأن لا تضلّ وتتوه في مثاليات الحرية والديمقراطية في الشرق الأوسط. ولذا تتعاطى واشنطن مع  التحوّلات العربية بناءً على تقسيم ثلاثي:
  1. الأنظمة الحليفة التي سقطت - تونس ومصر - حيث تسعى للتدخّل في تشكيل لحظة التحوّل سواء عبر التدخّل الاقتصادي (مباشرة أو عبر المؤسّسات الدولية أو الحلفاء العرب)،أو النفوذ السياسي، والتأثير في المجتمع المدني.
  2. الأنظمة الحليفة التي تواجه تحدّيات شعبية، كالسعودية والبحرين والأردن ، حيث تسعى واشنطن  إلى تشجيع بعض الإصلاحات التي من شأنها ضمان استقرار هذه الأنظمة، مع تجنّب توجيه انتقادات قاسية وعلنية. وتكمن صعوبة هذه الفئة بالنسبة إلى واشنطن كونها تضع القيم الأميركية المعلنة في تناقض مع مصالحها، وهو ما يؤدّي إلى تردّي صورة أميركا في المنطقة والعالم كراعٍ  للديكتاتوريات.
  3. الأنظمة المعادية كما في سورية وليبيا ، حيث تبدو واشنطن مندفعة بقوّة ولا سيّما في الملفّ السوري، لما  لذلك من أثر في المنافسة الإقليمية المحتدمة وخاصّةً في لحظة تتراجع فيها الخيارات العسكرية الأميركية في المنطقة.
إنّ التراجع الحاصل في قدرات السياسة الخارجية الأميركية ومواردها بفعل الأزمة الاقتصادية سيفرض على الساسة الأميركيين، تحديداً وحصراً متزايداً لمواردهم نحو التحدّيات الأبرز والتي تأتي إيران في مقدمتها، وذلك على حساب مصالحها الأخرى في المنطقة. ولذا سيتشدّد الأميركيون في سعيهم لجذب التحوّل العربي إلى مدارهم - وإن بعيداً عن طموحات أبنائه - لاستخدامه أداة تعوّض غياب الأدوات العسكرية والاقتصادية الأميركية في المواجهة مع إيران. لطالما امتاز الأميركيون بواقعيّتهم المفرطة التي أنتجت ويلات متلاحقة على منطقتنا. وعليه لا بدّ للساعين إلى الحرية والديمقراطية في هذه اللحظة العربية من الالتفات إلى ضرورة أن لا يُستغل تحرّكهم - سهواً أو عمداً- في صراعات واشنطن في المنطقة، وإلاّ لن يلبث ربيعهم أن ينقلب شتاءً أسودَ.
حسام مطر

Israel and China: Mutual Opportunism


Published  on Alakhbar English.com,Wednesday, September 7, 2011
 


The Chinese chief of staff’s visit to Israel on August 14 gave rise to speculation about the nature of the relationship between the two countries: its scope, limits, as well its impact on the Middle East region, particularly its effect on US-Israeli ties. The visit coincided with an increase in the frequency of visits by other Chinese military officials to Israel

The Chinese chief of staff’s visit comes on the heels of another visit to Israel by the commander of the Chinese navy in May 2011, followed a month later by a visit from China’s Defense Minister. Prior to that, Israeli Defense Minister Ehud Barak went to China on a historic visit in mid-June 2011, during which he affirmed military and commercial cooperation between the two countries and issued invitations for Chinese military officials to visit Israel. Barak told Chinese officials, “Israel is a small country, and our internal market is too small for our technology sector,” which, to Chinese ears, meant that Israel is willing to develop militarily ties with China despite US pressures
.
This is a sign of improved Sino-Israeli ties after the relationship between the two countries was stymied for years by US opposition. It appears that the Chinese have not missed this opportunity to revive their military collaboration with Israel. The Israeli-Chinese relationship constitutes an interesting case study in politics, as it is almost impossible to determine which side is being more pragmatic, opportunistic, and cunning.
It is helpful to begin by outlining the role of China in the Middle East. Historically, the Chinese position, influenced by its communist ideology, was closer to that of the Arabs. When Chinese foreign policy began to shift in the 1970s, from an ideological to a pragmatic position, its politics became more realist, and it refrained from taking a clear position in favor of a specific party in the Arab-Israeli conflict. In the 1980s and 1990s, China’s policies towards the region were largely determined by its arms sales to countries like Saudi Arabia, Iraq, and Iran, of which nuclear cooperation was a major part. Current Chinese interests in the region are not restricted to procuring energy resources, selling weapons, and buying high-tech weaponry from Israel



Sino-Israeli relations have often revolved around military matters, while Sino-Arab and Sino-Iranian relations have largely involved oil. China benefits from the Israeli military industry’s advanced technology, especially in areas of control devices, air defense, and naval equipment. The Chinese are also interested in Israeli operational expertise, as China has not engaged in a military campaign since the 1970s. The international embargo on arms sales to China following the Tienanmen Square events in 1989 proved to be useful to Israel, which has become Beijing's second largest arms supplier after Russia
.
The importance of Sino-Israeli military relations was such that their military cooperation, beginning in the early 1980s, preceded political normalization, which did not happen until the early 1990s. However, their partnership has faced numerous obstacles and crises, largely due to US opposition to Israeli arms sales to China, especially in the strategic high-tech weapons sector which affects the balance of power in the Pacific region. US pressure, which has repeatedly forced Israel to cancel signed agreements with China, has represented the biggest obstacle to Sino-Israeli military cooperation

US-Israeli relations faced a serious challenge in 2000 because of Israel’s agreement to supply China with the Phalcon airborne early warning system. Washington suspended certain sensitive military programs with Israel, fearing they would be transferred to China, including the F-35 Joint Strike Fighter program. This forced Israel to cancel its agreement and pledge not to sell China weapons that could threaten US national security.
Many factors may prompt Israel to reassess its previous policy and revive its relations with China, or so the Chinese hope. In light of Israel’s economic crisis, military exports to China could help Israel’s economy, especially at a moment when China is interested in improving its military capabilities, demonstrated by the launching of its first aircraft carrier on August 10

Meanwhile, China has gained more prominence in Middle Eastern affairs, especially in areas of interest to Israel, namely China’s relationship with Iran and arms sales to Hezbollah and Hamas. Israel wants to benefit from China’s rising global status at time when US influence is in decline.Israel may also be interested in benefiting from China’s diplomatic power, in light of the Palestinian Authority’s September bid for Palestinian statehood at the UN. China could play a central role in the UN Security Council and in other international venues where Israel faces mounting accusations that they have violated human rights and international laws

Additionally, Israel has used the issue of military exports to China as leverage with the US, particularly when it comes to the peace process and other Middle East issues. Reviving relations with China may also serve as a counterweight to pressures by the Obama administration. US policy will play a determining role in Israel’s relationship with China. In an essay entitled “Chinese Chief of Staff Visits Israel: Renewing Military Relations?” Yoram Evron from Israel’s Institute for National Security Studies writes, “Unlike the past, when it [Israel] ignored tensions between the US and China or alternately chose one side over the other, it will now have to find a way to maneuver between the two

This article is translated from the Arabic Edition

        By: Housam Matar

إما الحصانان ... وإما الغاء الطائفية السياسية

 مقال نشر في جريدة الأخبار بتاريخ 23\2\2010



مما يثير الإستغراب أن الجهة السياسية التي قامت بالتنظير وبحدة متناهية خلال السنوات الأربع الماضية لفكرة الحكم الأكثري ونقض فكرة الديمقراطية التوافقية , أن تبادر هي ذاتها إلى إظهار هذا المستوى من الحساسية بل العدائية ليس إتجاه إلغاء الطائفية السياسية بل مجرد فكرة تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية . وعليه كان لا بد من طرح السؤال التالي , هل يستقيم رفض الديمقراطية التوافقية بكل مقتضياتها ( بما فيها الثلث زائد واحد خاصة في لحظات الانقسام الاقليمي\ الداخلي الحاد )  بالتوازي مع رفض فكرة إلغاء الطائفية السياسية أيضا ؟ أي بصياغة أبسط هل يصح ان تجتمع كل من "لا" للديمقراطية التوافقية و "لا" لإلغاء الطائفية السياسية؟ على أن الإجابة عن هذا السؤال ستصل إلى محصلة مفادها أن رفض أحد هذين المفهومين لا يمكن إلا أن ينتج القبول بالأخر.

 إن رفض صيغة الحكم التوافقي  تعني وكما كان يصرح أصحاب هذا الإتجاه , إعتماد صيغة الحكم الأكثري كما في الأنظمة البرلمانية الكلاسيكية  وبالتالي فان الأكثرية النيابية تحكم والأقلية تعارض, إلا ان الفارق الذي لا يمكن تجاهله والناشىء من خصوصية الواقع اللبناني هو ان الإنقسام السياسي والى حد بعيد جدا يمثل في ذات الوقت إنقسام طائفي \ مذهبي على المستوى الديموغرافي , حيث يكفي ذكر إسم الطائفة \ المذهب مثلا ليتحدد الموقف السياسي إتجاه أي قضية اوحزب سياسي او الإرتباط الاقليمي او حتى العدو الخارجي والتي تصبح جميعها كمتغيرات تابعة لمتغير مستقل هو الانتماء الديني , وعليه تصبح الأكثرية والأقلية بهذا المعنى ذات صبغة طائفية \ مذهبية حيث الأكثرية يغلب عليها لون طائفي \ مذهبي مهيمن بوضوح واقلية  بصفة مماثلة وبالتالي فإن احدى الطوائف او المذاهب الكبرى على الاقل اصبحت خارج دائرة الحكم .  
 
 كانت السنوات التي تلت الخروج السوري الذي كان ضابطا للعملية السياسية بتوافق دولي اقليمي ( اميركي – سعودي بالتحديد ) شاهدا إضافيا الى سابقاته من التاريخ السياسي اللبناني حول تماثل الانقسام السياسي \ الطائفي وإن بمستوى اكثر حدة , حيث انقسم المشهد السياسي بعد انتخابات 2005 النيابية الى اكثرية نيابية عصبها السنة واقلية نيابية عصبها الشيعة وسط توازن نسبي للقوى المسيحية وان كان يميل بإتجاه الاقلية . انطلاقا من هذا الواقع تبنى فريق من المسيحيين يتقدمهم غبطة البطريرك  الماروني نصرالله صفير وبحكم تحالف هذا الفريق مع تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي اللذين شكلا رافعة الاكثرية النيابية  مقولة ان الاكثرية تحكم وأن التوافقية بدعة وهي إنما تجعل السلطة كعربة يجرها حصانين بإتجاهين متعاكسين مما يعطل دور السلطة ويشلها وبالتالي فالصيغة البرلمانية الاكلاسيكية هي الافضل على مستوى الفعالية والإنتاجية وان كان على حساب تغييب طائفة أساسية عن الحكم كالطائفة الشيعية مثلا التي هي الاكبر عدديا او على الاقل تكاد ان تكون, إضافة الى ما يقارب 70% من الطائفة المسيحية , مع تناسي محورية التوافقية الطائفية والمشاركة في الدستور اللبناني.

إن المناداة بحكم الاكثرية ورفض منطق التوافقية الطائفية من باب ضمان الفاعلية والإنتاجية في عمل السلطة وتماثلا مع نموذج النظام البرلماني كل ذلك يصلح أيضا كأساس لإعتماد الديمقرطية العددية دون القيد الطائفي كما في اي نظام برلماني وبغض النظر عن وجود نص دستوري بذلك , وهذا مما قد يؤدي الى غياب او ضعف حضور بعض الطوائف في السلطة نتيجة الإختلالات الديموغرافية أو التحالفات السياسية تماما كما هي الحال عند إعتماد صيغة الاكثرية والاقلية كما طرحها مسيحييو 14 اذار . وعليه لا يجوز لهذه القوى رفض بند تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية او الالغاء بذاته بحجة الخوف من تهميش الدور المسيحي في السلطة الى حد المطالبة بالفيدرالية كضمانة على حد تعبير النائب سامي الجميل , كونهم إرتضوا الصيغة الأخرى التي أنتجت فعليا وليس فقط نظريا تهميشا لطائفة باكملها ولأغلبية طائفة اخرى , لكن كيف وهي الحال مع وجود نص دستوري يوجب تشكيل الهيئة؟!!.

 فعلى حين غرة إستفاق مسيحييو 14 اذار على ضرورة حفظ الصيغة الطائفية التوافقية بما يثَبت المناصفة ويمنع طغيان طائفة على أخرى حتى ولو على حساب نص دستوري واضح يؤسس لإلغاء الطائفية السياسية وتصدوا على هذا الاساس لطرح الرئيس بري حول تشكيل الهيئة المذكورة بسيل من الفرضيات والتشكيكات والاتهامات, على أنه لو صدق ان الرئيس بري يطرح تطبيق الفقرة الدستورية المتعلقة بالهيئة من باب التكتيك السياسي كما يتهمه هذا الفريق, لكان الأجدر بالرئيس بري ان يستعمل هذا التكتيك في اللحظة السياسية الأشد حراجة عندما كانت تتعرض طائفته للتهميش السياسي والمعنوي ويتهم بإغلاق البرلمان نظرا لما إعتبره ( كرئيس للسلطة التشريعية) فقدان الحكومة حينها للشرعية الميثاقية والدستورية بعد إستقالة وزراء الطائفة الشيعية من الحكومة , ودولته ممن لا تنقصهم الحنكة والدراية لهكذا تكتيك لو شاء.

بالمحصلة لقد ارتكب الفريق المسيحي في 14 آذار خطأ استرايجيا بحق الدور المسيحي عندما اندفع لواجهة المنادين بالديمقراطية دون اعتبار للصيغة التوافقية متأثرا ومزهوا باللحظة السياسية التي جعلته ضمن حلقة الاكثرية  النيابية كممثل لجزء من المسيحيين لا يتجاوز نصفهم في احسن الاحوال حتى لا ندخل في جدل الارقام . وقد استمر هذا المنطق حتى الى ما قبل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الحالية لينقلب السحر على الساحر بعد التسوية الاقليمية \ الداخلية التي رأبت الصدع السياسي الاسلامي بشكل خاص وعلى حساب مسيحيي 14 أذار الى حد كبير بعدما إستطاع تكتل العماد عون تعزيز حضوره الوزاري وتثقيل وزنه السياسي داخليا واقليميا والمحافظة على انسجامه مع مواقفه السابقة للانتخابات لا سيما تأييد مفهوم الديمقراطية التوافقية التي يرتكز إليها الان لمحاججة خصومه بل وبعض حلفائه في ما يعتبره تحرير الدور المسيحي في السلطة والإدارات العامة من قبضة غير المسيحيين .

 وبالعودة إلى السؤال المطروح, هل يستقيم رفض الديمقراطية التوافقية بكل مقتضياتها بالتوازي مع رفض فكرة الغاء الطائفية السياسية؟ فالاجابة انه إما تبني مفهوم الديمقراطية التوافقية سواء كصيغة مؤقتة للحكم بإنتظار الغاء الطائفية السياسية او كصيغة نهائية وبالتالي المبادرة الى طلب تعديل دستوري لإلغاء النصوص المتعلقة بإلغاء الطائفية السياسية , وإما السير فورا بتنفيذ النص الدستوري الحالي تجاه تشكيل الهيئة ومن ثم الالغاء, فليختاروا ولكن على طريقة "جواب نهائي ".

حسام مطر 

إسرائيل والصين: الانتهازية المتبادلة


نشرت هذه المقالة في جريدة الأخبار بتاريخ 3 أيلول 2011- العدد 1502

أعادت زيارة رئيس الأركان الصيني لإسرائيل في 14 آب الماضي طرح التساؤلات المعهودة عن طبيعة العلاقات بين البلدين، ومداها وحدودها وتأثيراتها على الصراع في المنطقة، بل والأهم تأثير ذلك على العلاقات الأميركية ــ الإسرائيلية. ما يعزّز تلك التساؤلات هو زحمة الزيارات المتتالية لقيادات صينية عسكرية للكيان الإسرائيلي، إذ سبق تلك الزيارة زيارة مماثلة قام بها في أيار الماضي قائد البحرية الصينية، وتبعتها بشهر زيارة لوزير الدفاع الصيني. وقد سبق ذلك زيارة تاريخية لوزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك للصين، في منتصف حزيران الماضي، أكد فيها التعاون العسكري والتجاري بين البلدين، موجهاً دعوات للمسؤولين العسكريين لزيارة الكيان الإسرائيلي. وقد خاطب إيهود باراك الصينيين بالقول «إنّ إسرائيل دولة صغيرة جداً، ولا سوق داخلية كافية لتكنولوجيتنا»، وهو ما اعتبره الصينيون دعوة غير مباشرة لتجاوز هواجسهم السلبية بشأن امتناع إسرائيل عن التعاون عسكرياً معهم بسبب الضغوط الأميركية.
لقد مثّلت تلك الرسالة إشارة انفراج في علاقات البلدين، بعد سنوات عجاف، بسبب الموقف الأميركي الضاغط بوجه هذا التعاون. وعلى ما يبدو، فإنّ الصينيين ــ كما عادتهم ــ لم يضيّعوا الفرصة، ويسعون الى إعادة الحيوية للتعاون العسكري مع إسرائيل.
بداية، من المفيد استكشاف موجز للدور الصيني في الشرق الأوسط. تاريخياً، كان الموقف الصيني أقرب الى الموقف العربي، متأثراً بالبعد الشيوعي في الصين. ولكن منذ بدء تحوّل السياسة الخارجية في السبعينيات، من البعد العقائدي باتجاه البراغماتية، أصبحت سياساتها أكثر واقعية، وابتعدت عن اتخاذ مواقف سياسية واضحة تجاه طرفي الصراع. وقد تأثرت تلك السياسة في فترة الثمانينيات والتسعينيات بمبيعات الأسلحة الصينية لدول المنطقة، ولا سيما السعودية والعراق وإيران التي كان التعاون النووي جزءاً أساسياً منها. وبناءً عليه، ينحصر الاهتمام الصيني في المنطقة بتأمين موارد الطاقة، وبيع السلاح، ثم لاحقاً شراء السلاح الإسرائيلي ذي القدرة التقنية والتكنولوجية العالية.
لطالما تركّزت وتمحورت العلاقات الصينية ــ الإسرائيلية حول الشأن العسكري، كما تمحورت حول النفط مع الدول العربية وإيران، إذ تستفيد الصين من التكنولوجيا العسكرية المتقدمة التي تنتجها الصناعات العسكرية الإسرائيلية، ولا سيما في مجالات أجهزة التحكم والسيطرة، والتقنيات الدفاعية الجوية، والتجهيزات البحرية، إضافة الى الخبرات العملياتية الإسرائيلية، إذ لم تخض الصين أي مواجهة عسكرية منذ السبعينيات، فيما تستغل إسرائيل الحظر الدولي على مبيعات السلاح للصين ــ الذي أعقب أحداث ساحة تيانانمين في 1989ــ لكي تجعل من بكين قبلة صادراتها العسكرية، لتحتل موقعاً رئيسياً مع روسيا في قمة لائحة الدول المصدرة للسلاح الى الصين. لطالما كانت تلك الانتهازية الإسرائيلية موضع انتقادات قاسية، ونقطة جدالية مع الأوروبيين والأميركيين على السواء.
تبرز محورية العلاقات العسكرية بين كلا البلدين من واقع أنّ التعاون العسكري بينهما انطلق منذ بداية الثمانينيات، سابقاً تطبيع العلاقات السياسية الذي تأخر الى بداية التسعينيات. إلا أنّ التعاون العسكري بينهما لم يكن خالياً من العوائق والأعباء، بل شهد أزمات عدّة، بسبب الموقف الأميركي تجاه مبيعات السلاح الإسرائيلية للصين، ولا سيما التي تشمل أسلحة عالية التقنية، وذات أبعاد استراتيجية على توازن القوى في المحيط الهادئ. أجبر ذلك الموقف الأميركي الضاغط إسرائيل مراراً على إلغاء اتفاقيات مبرمة مع الصين، ما مثّل العائق الأكبر للتعاون العسكري بين البلدين.
لقد شهد عام 2000 التوتر الأبرز بين الولايات المتحدة وإسرائيل، على خلفية نية إسرائيل بيع الصين نظام «فالكون للإنذار الجوي المبكر»، ما دفع واشنطن إلى تعليق بعض البرامج العسكرية الحساسة مع إسرائيل، خوفاً من تسريبها للصين، كبرنامج طائرات «إف 35». أجبر ذلك إسرائيل على إلغاء الصفقة، والتعهد بعدم بيع الصين أسلحة من شأنها «تهديد الأمن القومي الأميركي».
إلا أنّ الواقع الحالي يشتمل على محفزات عدّة قد تدفع إسرائيل الى إعادة تقويم جزئي لسياستها السابقة، وبثّ الحيوية في العلاقات مع الصين، أو هكذا تأمل الصين على الأقل؛ أولاً في ظل الأزمة الاقتصادية الإسرائيلية، يمكن أن تمثل الصادرات العسكرية إلى الصين دفعاً للواقع الاقتصادي الإسرائيلي، لا سيما في لحظة تحوّل استثنائية، تبدي فيها بكين ميلاً واضحاً نحو تعزيز قدراتها العسكرية، كما ظهر في تدشينها لحاملة الطائرات الصينية الأولى منذ أيام. ثانياً، أصبح الدور الصيني أكثر حضوراً في قضايا الشرق الأوسط ــ لا سيما في الملف الإيراني وملف مبيعات السلاح الصيني لحزب الله وحماس كما يصرّح الإسرائيليون ــ وبناءً عليه تحتاج إسرائيل الى الاستفادة من ذلك النفوذ، خاصة في لحظة التراجع الإقليمي للولايات المتحدة.
ثالثاً، تواجه إسرائيل تحدياً مهماً في الشهر الحالي، مع سعي الرئاسة الفلسطينية للتوجه إلى الأمم المتحدة لتحصيل اعتراف بالدولة الفلسطينية، وهنا يمكن الصين أن تؤدي دوراً مؤثراً في مجلس الأمن، كما في المحافل الدولية الأخرى التي تواجه فيها إسرائيل اتهامات متزايدة بشأن مخالفة القانون الدولي وارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. رابعاً، لقد دأبت الدولة العبرية على ابتزاز الولايات المتحدة من خلال صادراتها العسكرية للصين، بهدف الضغط عليها في ملفات محددة مرتبطة بالتسوية والقضايا الإقليمية، وهو ما قد تفعله مجدداً للحدّ من انتقادات إدارة أوباما لها.
إذاً، لا يمكن الحديث عن العلاقات الثنائية بين إسرائيل والصين إلا وتكون الولايات المتحدة ثالثتهما، ويمثّل الموقف الأميركي متدخلاً مؤثراً في الحسابات الإسرائيلية في علاقاتها مع بكين. من هذا المنطلق قال يورام إفرون، من مؤسسة دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، في مقالة بعنوان «زيارة رئيس الأركان الصيني الى إسرائيل: تجديد العلاقات العسكرية؟»، إنّ «على إسرائيل حالياً، بخلاف الماضي عندما كانت تتجاهل التوترات بين الطرفين أو تفضّل طرفاً على آخر، أن تجد طريقاً للمناورة بدهاء بينهما». عند المقارنة بين الصين وإسرائيل، يكاد من المستحيل معرفة من منهما أكثر براغماتية وانتهازية ودهاءً، وهو ما يجعل علاقاتهما درساً مغرياً في فنون السياسة.

حسام مطر

هاجس تركيا الإقليمي: التنافس السني- السني



نشرت هذه المقالة عبر موقع النشرة الإلكتروني بتاريخ 2 أيلول 2011 


يحاول الساسة والباحثون تفسير التحول الحاصل في السياسة الخارجية التركية من خلال مقاربات آحادية, إذ تجد من يعيد ذلك لأسباب دينية بحتة متصلة بطبيعة حزب العدالة والتنمية, في مقابل من يحصر ذلك بالعناصر الواقعية على مثال سعي أنقرة لتمديد نفوذها الإقليمي بعد إنغلاق الأفق الأوروبي بوجهها. بينما في الواقع, يمكن حتى للقوى العقائدية والإيديولوجية أن تقوم بحسابات إستراتيجية وفي ذات الوقت تتأثر سياساتها بما هو مقدس وإلهي, كما يعبر جاك سنايدر في دراسته حول " الدين ونظرية العلاقات الدولية". وفي الإتجاه عينه , يحاجج علي الأنصاري أن المحددات الثقافية – وضمنها الدينية- لسلوك اللاعبين السياسيين لا  تنوجد في فراغ, بل هي ذاتها تتشكل بالتجارب المادية, فالمصالح يمكن أن تتحدد عبر القيم الثقافية, إلا ان الرؤية العقائدية للعالم تتأثر أيضاً بالوقائع القاسية التي أفرزتها التجارب التاريخية.
وعليه إن محاولة فهم السلوك التركي يجب أن تستند الى هذه المزاوجة بين العناصر الدينية والواقعية, وإن كانت اللحظة الحالية لا زالت تشهد تفوق العناصر الواقعية في السياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية الذي لا زال يستكشف ويتعلم حدود المثل الدينية في عالم الواقع. لذلك تسعى تركيا – كمجمل القوى الإقليمية – الى التمدد والسعي للنفوذ والسيطرة, وهو ما يستجلب للحزب الحاكم والدولة عوائد إقتصادية وسياسية وشرعية داخلياً وخارجياً.
إلا أن هذا السعي التركي نحو النفوذ الإقليمي (كحد أدنى)  أو الهيمنة الإقليمية  (كحد أقصى) يصطدم غالباّ بعقبات عدة ذاتية وخارجية, كما سائر القوى الإقليمية كإيران والسعودية.  في الحالة التركية تتركز الموانع الذاتية حول عنصرين أساسيين: التاريخ , والهوية. فتاريخ الإمبراطورية العثمانية  أنتج كماً من فقدان الثقة والقلق والريبة والخوف الذي يحتاج الى أكثر من 12 شهيداً في أسطول الحرية وأكثر من دقيقة غضب بوجه بيريز وأكثر من خطاب عالي النبرة بل وأكثر من زيارة لغزة, لمحوه من الذاكرة والوعي العربي. وكذلك تشكل الهوية حاجزاً للنفوذ التركي في المحيط العربي لا سيما متى إستخدمت الأنظمة هذه الأداة للحد من تأثيرات القوى الإقليمية غير العربية.
أما الموانع الخارجية للنفوذ التركي, فهي عدة وأهمها البيئة الإقليمية الشديدة الإضطراب وفقدان قواعد ثابتة نسبياً للعلاقات الإقليمية, الحضور الوازن للقوة الإسرائيلية, الدور الإميركي الذي يسعى لضبط حجم ودور القوى الإقليمية في الشرق الأوسط, وأخيراً القوى الإقليمية المنافسة وبالتحديد السنية منها.
وفيما يخص النقطة الأخيرة وهي الأهم, فإن قدرة تركيا على تحقيق تقدم في دورها ونفوذها الإقليمي مرتبط بمدى قدرتها على الولوج في العالم العربي والسني بالتحديد. إن تراجع القوى العربية الأساسية لا سيما مصر كان عنصراً أساسياً في تمدد النفوذ الإيراني والتركي لاحقاً في الشرق الأوسط. وعليه إن بزوغ مصر بعد مبارك كقوة إقليمية عربية وسنية سيسمح لها بإشغال مناطق الفراغ بل وفرض التراجع على كل من إيران وتركيا وحتى السعودية. إلا أنه بالمقارنة بين هذه الدول الثلاث, فإن إيران هي أقل المتضررين من الصعود المصري بعكس كل من تركيا والسعودية.
إن النفوذ الإيراني قد ترسخ بثبات في الدائرة الشيعية في المنطقة, وقد تمدد منذ الثورة بإتجاه فضاءات واسعة ضمن الساحة السنية نتيجة مواقف إيران ودورها وفاعليتها الإقليمية. إلا أن هذا التأييد السني بقي رخواً وإنفعالياً وطارئاً في مجمله, إذ لم يستطع هذا الحضور الإيراني أن يصمد أمام جملة من أحداث السنوات الأخيرة ليتراجع بشكل ملحوظ كما تشير إستطلاعات الرأي لا سيما ذلك الذي أجراه معهد زغبي الدولي مؤخراً. بإيجاز, إن الدور الإيراني مستقر وثابت في الدائرة الشيعية ولا يمكن مزاحمته أو منافسته في المدى المنظور, فيما بلغ مداه في الساحة السنية بعد سنوات المد.
وعليه إن صعود مصر لن يضير طهران كثيراً, بل العكس إذا كان موقف القاهرة من إسرائيل كما يرجوه كثيرون. أما الأتراك فهم الأكثر قلقاً وتضرراً من الصعود الإقليمي لمصر إذ أنهما يتشاركان الوعاء ذاته أي العرب السنة, خاصة أن لمصر أفضلية العروبة على الأتراك "العثمانيين". وعليه يمكن فهم هذا التلازم بين سقوط مبارك وإرتفاع النبرة التركية في القضايا العربية, كحديث أردوغان عن عزمه زيارة غزة, والموقف الذي صدم الكثيريين في الشأن السوري, بالإضافة الى ما سرب عن حديث لأردوغان حول حقوق العراقيين السنة أثناء لقائه الأخير مع المالكي.
أما التنافس السعودي – التركي فمحدود لأسباب تتعلق بالسعودية نفسها, التي عجزت عن تقديم مشروع عصري للدولة الإسلامية سواء في طبيعة النظام , أو علاقته بالمجتمع, أو مساهمتها في القضايا الإقليمية وإرتكازها على مذهب ديني منبوذ حتى ضمن الساحة السنية بالإجمال, ناهيك عن تبعيتها شبه المطلقة للولايات المتحدة لدرجة يصعب فيها الحديث عن مشروع سعودي خاص للمنطقة. وعليه ستسعى القوى الثلاث إيران, تركيا والسعودية الى التقارب مع مصر وهذا ما يبدو جلياً منذ سقوط مبارك, لا سيما من قبل السعودية التي تدرك أنها بدون مصر لا تكاد تساوي شيئاً في الحسابات الإقليمية بل وعلى المدى البعيد يمكن لمصر إقفال أبواب العالم العربي بوجهها الى حد كبير. في حين أن مصر ستسعى للإستفادة من الفرص التي ستقدمها القوى الثلاث ولكن بما يحفظ لها القدرة على التمايز ورسم مسار خاص بها.
بالمجمل, وعلى المدى البعيد سيبقى التعاون المصري-التركي مقيداً بالتنافس الإقليمي حتى مع وصول الإخوان الى مركز مؤثر في صنع القرار, لأسباب تتعلق بدور العسكر في مصر, الضغوط الداخلية المصرية, والإنقسامات داخل الجماعة إضافة الى البعد التاريخي في العلاقات التركية المصرية التي حكمها التنافس لفترات طويلة. وعليه, سيدفع الصعود المصري في حال فشلت تركيا في إحتواءه الى جملة نتائج من جهة تركيا: السعي لتمتين التقارب مع طهران, التخفيف من حدة خطابها تجاه إسرائيل, والتركيز أكثر على مصالحها في المحيط الأوروبي, وسط آسيا ومنطقة بحر قزوين.
لقد طغى في السنوات الماضية الحديث عن التوتر السني- الشيعي على علاقات اللاعبين الإقليميين, الى درجة أدت الى أغفال أثر المنافسة السنية –السنية على سياسات المنطقة وسلوك القوى الإقليمية وعلاقاتها المتبادلة. إذا أخذت مصر خيار الصعود كدولة إقليمية مستقلة, فإن المنافسة القادمة هي تركية – مصرية بالدرجة الأولى وهو ما يتوجس منه الأتراك, في حين ستبقى السعودية على هامش هذا التنافس وستتحرك فيه بناء على إيقاع حساباتها في مواجهة طهران.
                                                                                                                                             حسام محمد مطر