من أنا

صورتي
باحث وكاتب لبناني في العلاقات الدولية والدراسات السياسية.حائز على إجازتي حقوق وعلوم سياسية من الجامعة اللبنانية ودبلومي قانون عام وعلاقات دولية, وماستر علاقات دولية ودراسات أوروبية.حاصل على منحة تفوق من الجامعة اللبنانية لنيل شهادة الدكتوراه. حالياً يتابع دراسة الدكتوراه في العلاقات الدولية في جامعة براغ الدولية.

قطر.. واجهة إقليمية لأميركا في ظل تراجع سطوة "إسرائيل"

مقابلة صحفية مع وكالة انباء فارس الإيرانية , بتاريخ 13\2\2013

اعتبر الباحث اللبناني في القضايا الدولية والشؤون السياسية حسام مطر، أن صعود الدور القطري بهذا الشكل مرتبطٌ بشكل مباشر بضمور النفوذ الإقليمي للولايات المتحدة في المنطقة، والقرار الذي اتخذته واشنطن في عهد إدارة باراك أوباما الأولى بتقليص التزاماتها في الشرق الأوسط، وتحويل هذا العبء إلى الحلفاء ولكن تحت مظلة المصالح الأميركية.

وقال مطر في مقابلةٍ مطولة مع مراسل وكالة أنباء فارس :" ضمن هذا التحول الأميركي يمكن فهم صعود الدور القطري والتركي على حد سواء، والذي أصبح جلياً منذ بداية التحولات التي تعصف بالعالم العربي منذ سنتين تقريباً". ونوه إلى أن قطر ليست إلا امتداداً للنفوذ الأميركي في المنطقة, بل هي "بدل عن ضائع" في ظل تراجع السطوة الإسرائيلية، والتعثر في المشروع الوهابي للسعودية. وأشار مطر إلى أن الولايات المتحدة تحتاج في إستراتجيتها الجديدة إلى واجهات إقليمية كما حاجتها لنخب داخلية على مستوى كل دولة, والواجهة الأنسب تلك القادرة أن تتمتع بالمرونة اللازمة لتأدية الدور, وبانتفاء التعقيدات الداخلية والقيود على اتجاه السياسة الخارجية, تبدو قطر مؤهلةً لدور الواجهة وهذا ما تمارسه بالفعل.

وفي سؤاله عن سر نجاح قطر في لعب هذا الدور الإقليمي الذي يفوق حجمها، وما إذا كان هنالك من يخدمها في ذلك، أجاب مطر:" تعتمد قطر بشكلٍ أساسي على مقدراتها المالية الضخمة الناتجة عن مبيعات الغاز كذراع لنفوذها في المنطقة، التي تعاني من فجوات وانتكاسات تنموية ومالية واقتصادية كارثية". واستدرك يقول:" ولكن ذلك لم يكن كافياً, بل سعت قطر في بدايات تمددها إلى محاولة لعب دور "الوسيط المحايد" في ظل الاشتباك الأميركي – الإيراني، وقد تدخلت تحت هذا الغطاء في العراق، ولبنان (اتفاق الدوحة)، وفي الخلاف المحتدم بين حركتي حماس وفتح".

ولفت الباحث في القضايا الدولية والشؤون السياسية، النظر إلى أن القطريين يظهرون طموحات متزايدة، وهذا ما يستدعي منهم البحث عن مصادر أخرى للقوة لا سيما على مستوى الشرعية الإسلامية, ولذا تبرز إشارات متزايدة إلى تأكيد الهوية الوهابية للقطريين ولكن بنسخة أقل تطرفاً من تلك السعودية. وأوضح مطر أن القطريين حاولوا مؤخراً تأكيد جذورهم الوهابية, كما صرح رئيس الوزراء ووزير الخارجية حمد بن جاسم, وهو ما يمكن أن يؤجج التنافس السعودي - القطري بشكل أعمق مستقبلاً. كما أشار إلى أن قطر تستفيد من مواردها المالية لجذب نخب اجتماعية- إعلامية – ثقافية في المنطقة من خلال مؤسساتها الإعلامية ومراكز أبحاث ومؤسسات أكاديمية ليكونوا "رسلها" المبشرين بدورها "التنويري".

وتحدث مطر عن دور الدوحة في حماية مصالح واشنطن في المنطقة، قائلاً:" تستمر قطر بدورها كجزء من الإستراتيجية الأمنية الأميركية في منطقة الخليج (الفارسي), وهذا ليس بالشيء الجديد, فالقواعد العسكرية القائمة على أراضيها وضمن نفوذها، بمثابة نقاط ارتكاز في مشروع الهيمنة على المنطقة، وفي سياسة احتواء إيران". وأضاف:" هذه القواعد تريدها واشنطن بمثابة ضمانة لحلفائها من المنطقة، ومانعاً لهم من التقارب مع طهران"، لافتاً في السياق إلى أن السياسة الإيرانية واضحة في هذا المجال وهي الدعوة إلى مشروع تكامل بين دول المنطقة يراعي مصالحها المشتركة بعيداً عن تأثيرات الدور الأميركي, ولكن اليد الممدودة هذه لم تلقَ تجاوباً بعد.

وعلَّق مطر على دعم قطر لحكومة حماس في غزة، وفي نفس الوقت محافظتها على علاقتها بسلطة محمود عباس في رام الله، والسؤال المطروح بهذا الصدد ألا ترى بأن مفتاح حل عقدة الانقسام الفلسطيني بيد القطريين؟، قائلاً:" المطلوب من القطريين هو لعب دور صمام الأمان في الشأن الفلسطيني، أي منع إمكانية تجدد الانتفاضة بوجه الصهاينة". واستطرد:" العلاقة مع حماس ضرورية لدفعها بعيداً عن طهران من ناحية، وللتأثير في سياستها تجاه "إسرائيل" من خلال الإغراء والضبط من ناحية أخرى، حتى من جهة السلطة الفلسطينية يبدو دور قطر مطلوباً إذ لا مصلحة بعزل السلطة لإبقائها على قيد الحياة بما يضمن عدم انهيار الوضع في الضفة". ويرى مطر أن حل الانقسام الفلسطيني مسألة تتجاوز بكثير قدرات القطريين, نظراً لتعقيداتها الإقليمية المتشعبة، وأيضاً المؤثرات الداخلية التي لا تقل أهمية.  ويختم هذا الباحث حديثه بالقول: "رغم كل ما تقدم ستبقى قطر – على المدى البعيد - من دول "الصف الثاني" في المنطقة, إذ لا يمكن مقارنتها بأي حال بإيران، وتركيا، ومصر، وحتى السعودية، والعراق ولو بدرجة أقل".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق