من أنا

صورتي
باحث وكاتب لبناني في العلاقات الدولية والدراسات السياسية.حائز على إجازتي حقوق وعلوم سياسية من الجامعة اللبنانية ودبلومي قانون عام وعلاقات دولية, وماستر علاقات دولية ودراسات أوروبية.حاصل على منحة تفوق من الجامعة اللبنانية لنيل شهادة الدكتوراه. حالياً يتابع دراسة الدكتوراه في العلاقات الدولية في جامعة براغ الدولية.

تعليق سياسي 6- لماذا يتداعى نظام الطائف؟ قانون الإنتخاب وهيئة التنسيق

 (هذا التعليق خاص بالمدونة, يرجى ذكر ذلك عند إعادة النشر)


هناك قاعدة عامة تُستعمل عادة لتفسير التحولات السياسية والصراعات, ومفادها أن كل نظام , بالمعنى العام, يتم تأسيسه ليخدم مصالح قوى محددة بما يتلائم مع ميزان القوى القائم. ويبقى هذا النظام مستقراً الى حين تغير ميزان القوى وصعود مجموعات جديدة لا يخدمها النظام القائم فتسعى الى تغييره ووضع قواعد جديدة تراعي مصالحها. يمكن القول أنه بعد أكثر من 20 سنة على إتفاق الطائف, تغيرت موازين القوى التي بُني عليها, المسيحيون عادوا الى المعادلة, المقاومة أصبحت شريكاً في العملية السياسية, التيار العلماني- المدني  توسعت قاعدته, والسلفيون يقضمون حصة الحريرية. وحتى إقليمياً القطبين الإقليميين في الطائف أي السعودية وسوريا تدهورت قوتهما لصالح قوى جديدة كإيران وتركيا. كل هذه القوى الجديدة إما كانت غائبة عن حسابات الطائف وإما كانت على هامشه, واليوم في لحظة صعودها تجد أن النظام القديم ليس ملائماً لمصالحها ولذا من الطبيعي أن تسعى إما لتغيير الطائف وإما لتطبيقه بآلية جديدة قد تكون بتطبيق أدق للنص.

في المهرجان التضامني مع هيئة التنسيق في الانيسكو

لم يكن هذا التغير الوحيد, حتى طبقياً حصلت تحولات هامة, إذ نتيجة الهيمنة التي مارستها "الطبقة الكمبرادورية", كما تسمى, أو طبقة وكلاء رأس المال المعولم في القطاعات المصرفية والخدمية والعقارية, جرى تدمير ممنهج وإفقار متدرج لمختلف الطبقات بالتوازي مع تركز شديد لرأس المال. تمكنت هذه الطبقة من إحكام قبضتها على اللبنانيين لا سيما من خلال "الدين العام" ذي الفوائد العالية, ما جعل من اللبنانيين جميعاً عمال "بالسخرة" , حيث يذهب ما يقرب من 40% من ناتجهم الوطني فقط لخدمة الدين العام. مؤشران يدلان على محاولات التغيير القائمة, قوة تحرك هيئة التنسيق بهدف إعادة توزيع الدخل بشكل أكثر عدالة للطبقات المهمشة, والإشكالية حول قانون الإنتخاب, أي الحاجة الى توزيع جديد للتمثيل السياسي, إضافة للتوزيع الإقتصادي. 

بعض القوى- حتى من داخل النظام الحالي- لها مصالح, ولو متباينة, في هذا التوزيع الجديد , السياسي والإقتصادي, مثل حزب الله, المسيحيون, السلفيون, والعلمانيون, وعلى صعيد المتضررين تبرز "الحريرية السياسية" بشكل أساسي. لا يعني ما تقدم أن البلد متجه حتماً نحو تغيير إيجابي, بل يمكن القول أننا متجهون الى تغيير يمكن أن يفتح مساراً إيجابياً وذلك يستدعي شروط عدة, لا مجال لبحثها الآن. هل الإنتقال من النظام القديم الى نظام وطني جديد يستوجب العنف؟ عادة نعم, ولو بقدر محدود, ولكن ربما الواقع اللبناني المحاط بنظام أمان متعدد الطبقات قد يجنبنا ذلك, ربما.

                                                                                             حسام مطر, باحث ومحلل سياسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق